..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

مهارات التفاوض مع الروس... في ظلال التجربة الأفغانية

أحمد موفق زيدان

٢٤ ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2790

مهارات التفاوض مع الروس... في ظلال التجربة الأفغانية
موفق زيدان --++.jpg

شـــــارك المادة

لعل أهم تجربة تفاوضية حديثة تخص العالم العربي والإسلامي مع الاتحاد السوفيتي ووريثته اليوم روسيا هي المفاوضات إبان فترة الجهاد الأفغاني، وتحديدا ما يختص بدور الأمم المتحدة في الوساطة، ثم الانقلاب العسكري الذي أطاح بمشروع موسكو بعد انسحابها من كابل وتخليها عن رفاق الأمس الشيوعيين، وفي ظل ما تعانيه الثورة السورية من تآمر عالمي غير مسبوق تشترك فيه بعض القوى العربية والعالمية والإقليمية، ومعها منظمات دولية، وصل إلى حد تقديم هذه المنظمات لأطعمة فاسدة للمحاصرين السوريين، كل هذا يُحتم علينا سبر أغوار تلك المرحلة المهمة التي قد تساعد على فهم بعض ما يجري اليوم، أو على الانتفاع بدروسه السلبية والإيجابية لترشيد المرحلة الراهنة والقادمة.

سعت روسيا على مدى سنوات الوساطة الدولية في أفغانستان إلى النأي بنفسها عن هذه المفاوضات والاكتفاء بالتفاوض المباشر مع الأميركيين فيما يتعلق بوجودهم في أفغانستان، وكان النظام الشيوعي العميل يتفاوض مع باكستان من خلال ما سُمي بدبلوماسية الغرف المتجاورة وليس من خلال لقاءات مباشرة، وإنما يجلس المفاوض الباكستاني والأفغاني في غرف مجاورة، بينما يتولى الوسيط الدولي الانتقال بينها، وظل الأمر على هذا الحال إلى أن قرب الرحيل السوفيتي عن أفغانستان فاستعد الروس لاستضافة زعيم الجمعية الإسلامية يومها برهان الدين رباني، والذي توج على ما يبدو برحيلهم عن أفغانستان مقابل تنسيق وتعاون قوات قائده الشهير أحمد شاه مسعود بدخول العاصمة الأفغانية كابل مع فلول الشيوعيين.

كان العنوان العريض لتعاطي موسكو مع الوساطة الأممية في أفغانستان هو تفضيلها لخيار مفاوضات الأبواب المغلقة بعيداً عن الأضواء، مع توظيف الوساطة الدولية ومفاوضات الأمم المتحدة كقنابل دخانية للتعتيم على ما يجري خلف الكواليس وهو ما جرى في اتفاق أوسلو تماماً، اليوم تطرح روسيا قائمة بأسماء مرشحيها للحكومة الانتقالية في الشام، ومن بين أسماء القائمة الشيخ معاذ الخطيب والإخواني محمد فاروق طيفور الذي يفتقر حتى إلى دعم تنظيمه بسبب حالة البرود بينهما، وبالتالي فإن روسيا استفادت تماماً من الدرس الأفغاني في الاعتماد على شخصيات لها اسمها ولكن ليس لها رسم على أرض الواقع كما كان حال القائد الأفغاني أحمد شاه مسعود حيث انقلب على فلول الشيوعيين بعد أن استخدمهم في دخول كابل ومواجهة خصومه من الجهاديين.

الهدف الروسي من القائمة اليوم ومن كل ما يجري هو الإيقاع بالمعارضة، والتشويش عليها، بينما على أرض الواقع تسير الاستراتيجية الغروزنية الروسية بحرق الأخضر قبل اليابس، ومع استمرار هذه الاستراتيجية يستمر استنزاف ما تبقى من رصيد للقوى التي تسعى روسيا لتحسبها عليها، لاسيما في ظل صمت هذه القوى عن هذا الترشيح، أو عدم تسمية الأمور بأسمائها من أن ما تقوم به روسيا هو عدوان وغزو وإجرام بحق الشعب السوري، وبالتالي الدعوة والمطالبة برحيله قبل رحيل النظام السوري، فبقاء الأخير مرهون بهذا العدوان الإجرامي.

مثل هذه الدعوة المصرة على وقف ورحيل العدوانين الإيراني والروسي من الشام سيضرب عدة عصافير بحجر واحد، فهو يكشف مدى عمالة النظام الوقحة في الاعتماد على الآخرين من أجل البقاء في السلطة، ويُظهر وطنية المقاومة والثورة، وبالتالي من لا يزال في المنطقة الرمادية من الشعب السوري، سيحسم أمره، وهو ما سيضع روسيا أمام ضغوطات دولية وإسلامية وعربية كبيرة.

نقطة مهمة ينبغي التعلم منها في أفغانستان، وهي أن قوة الحزب الإسلامي الذي كان يشكل بحسب الحسابات الأميركية والغربية بشكل عام أكثر من %40 من ثقل الجماعات الجهادية الأفغانية المقاتلة للسوفيت والشيوعيين الأفغان، في تلك الفترة رفع شعاره العملي على الأرض «من أشد منا قوة» فكان أن حيد كل القوى الجهادية الأخرى وسعى إلى فرض نفسه على الواقع فاصطدم بواقع أفغاني يسعى إلى الانتقال من مرحلة الحرب إلى السلم، واصطدم مع كل القوى الجهادية الأخرى بالإضافة إلى القوى العالمية التي ترفضه وتلفظه.

اليوم يتكرر هذا الأمر مع القوى الجهادية السورية المخلصة، ففي الوقت الذي تعد الدول قوائمها بأسماء مرشحيها للمرحلة الانتقالية ويستعد الغرب والشرق لقطف ثمار معاناة أكبر ثورة في تاريخ البشرية هي ثورة الشام، تجد المخلصين من هذه القوى سادرين في غيهم رافضين أن يخفضوا جناحهم لإخوانهم، رافعين شعاراً عملياً وواقعياً على الأرض «من أشد منا قوة» متناسين حجم التآمر العالمي الكوني على الشام والذي هو أضعاف ما تعرض له الشعب الأفغاني أولاً، وثانياً متناسين أن المؤامرة أرهقت الشعب السوري بأضعاف ما أرهقت من قبله الشعب الأفغاني.

التاريخ لن يرحم كل فصيل توانى وقصر في السير نحو الوحدة والتنسيق وتشكيل غرفة عمليات مشتركة لمواجهة التآمر العسكري والسياسي العالمي على الثورة الشامية، وليستعد هؤلاء كلهم ليوم يعود فيه شهداء الثورة السورية ليشهدوا على صدق أو كذب تلك الفصائل التي كرمتهم بتحقيق أحلامهم، أو بخذلانهم وخذلان أحلامهم، وتلك قصة سأعود إليها في مقال قريباً بإذن الله.

 

 

العرب القطرية

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع