..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

الأسد وثمن الفيتو الروسي

حسان الحموي

٥ ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3464

الأسد وثمن الفيتو الروسي
111.jpg

شـــــارك المادة

أمس تم التصويت بالفيتو الروسي الصيني؛ لمنع تمرير قرار مجلس الأمن المتعلق بالأزمة السورية، والذي كانت تسعى الدول العربية ومن خلفها الدول الغربية وأمريكا إلى حل الموضوع السوري من خلال التغيير السلمي للسلطة، مع بقاء بعض رموز النظام.
قبل جلسة مجلس الأمن؛ ربما كان البعض -وأنا منهم- يرجح امتناع روسيا عن التصويت بعد أن أعربت عن رأيها في رفض بعض بنود القرار، إلا أن روسيا فاجأت الجميع في اللحظات الأخير بتغير موقفها وانحداره نحو الفيتو، بطريقة سافرة استغربتها الدول الغربية وأمريكا، خاصة بعد أن أبدو ليونة منقطعة مع طروحات التعديل؛ خلال الماراتون التفاوضي في مجلس الأمن، مما استدعى التصريح بعبارات قاسية لم تكن روسيا لتقبلها لولا أنها تعرف مسبقاً أن موقفها يتطلب ضبط النفس.
أما التنين الصيني الذي كان مختبئاً وراء الموقف الروسي فقد بدا غامضاً منذ البداية، وخطابه كان متلوناً حمال أوجه، يستطيع من خلاله تحويل موقفه حسب ظروف الجلسة العلنية للتصويت.
لكن السؤال الأهم هنا: ما هو الثمن الذي دفعه بشار حتى تقبلت روسيا كل تلك الإهانات من قبل أعضاء مجلس الأمن جميعهم دون استثناء؟.
إن المتابع لمجريات الأحداث وما تناقلته الأنباء عن تحويل لأموال الأسد ومخلوف من دبي إلى موسكو، إضافة إلى نقل جزء كبير من الاحتياطي النقدي السوري عبر الطائرات إلى روسيا، وصفقات التسلح التي أبرمتها سوريا مع حكومة ميدي يتف في الأيام الأخير، جعل الأخيرة غير قادرة على التصرف حسب الهوى الأممي في القضية السورية.
أما الصين فهي غير متضررة لعدم وجود البديل لها على الساحة السورية، بعد أن أوعز خامئني لحكومة طهران بضم سورية إلى الدائرة المغلقة الصينية الإيرانية، والتي تشكلت للتحايل على العقوبات الغربية تجاه إيران، بحيث يتم تحييد الدولار عن التعاملات اليومية بين الصين وتلك الدول، ويتم التقاص مباشرة بين النفط الإيراني والسلع المصدرة من الصين، من خلال شركة أنشأتها الصين لهذا الغرض، بحيث تقوم الشركة بشراء كافة مستلزمات إيران من السلع في أي مكان في العالم، ومن ثم تعمد إلى إعادة تصديرها إلى إيران.
وبالتالي فإن الصين على جميع الأحوال غير متضررة لعدم وجود البديل الجاهز الذي يقوم بهذه المهمة في المرحلة الحالية.
ربما هذا المنطق واقعي فيما افترضنا أن هذه الدول تعمل في جو منعزل عن التأثيرات الخارجية، لأن الصين بداية عملت على تفادي الحصار الغربي على إيران من خلال استجرار النفط السعودي كبديل للنفط الإيراني، وهذا الأمر الذي جعل خطاب الصين ليناً وغامضاً حتى اللحظة الأخيرة.
أيضاً روسيا كانت تريد من مجلس الأمن تأجيل الجلسة لبعض الوقت للتمهيد لوضع تفاوضي ما مع النظام السوري، يشكل مخرجاً لها من دون التخلي عن النظام ككل، وهذا ما ستعمل علية روسيا في الأيام القادمة من خلال زيارة لافروف ورئيس جهاز الاستخبارات الخارجية اليهودي الثلاثاء القادم إلى سوريا.
لأنهم يدركون أن المعارضة سوف تذهب بمشروع الجامعة العربية إلى الأمم المتحدة، وتستحصل على القرار من خارج مجلس الأمن، خاصة في ظل الإجماع المنقطع النظير والذي بدا في مجلس الأمن، إضافة إلى ذلك بروز مشروع أصدقاء سورية للعلن والذي سوف تعمل علية فرنسا في المرحلة القادمة.
إن الثمن الباهظ للفيتو الروسي والذي كلف بشار ما تبقى له من ثروة، سوف يقوض حكمه في الأيام القادمة، نتيجة الإفلاس الحتمي لهذا النظام، وسوف تتخلى روسيا عنه في اللحظات التي تستيقن فيها موسكو أنه لم يعد لدى الأسد ما يقدمه ثمناً للفيتو القادم.
بقي أن نقول: أن المجلس الوطني مازال يعمل بطريقة غير فاعلة، وغير ممسكة بمتغيرات الحل السوري، وبالتالي فهو لا يمسك بأوراق الحل الأساسية؛ ويدعمها على الأرض؛ والمتمثلة:
- أولاً: بورقة الجيش السوري الحر، لأنها الورقة الرابحة في ميزان العمل الدبلوماسي مع روسيا والصين، فالاستخبارات الروسية تعلم أن مكامن السيطرة للنظام السورية بدأت تنهار شيئاً فشيئاً، وأن بقاء الأسد على سدة الحكم أصبح خياراً غير وارد لا داخلياً ولا خارجياً.
- ثانياً: تعزيز حركة الانشقاقات من خلال تهيئة الظروف اللوجستية المناسبة لتحفيز العناصر الراغبة في الانشقاق عن النظام؛ بالتخلي عن موالاتها والانضمام إلى الثورة، لما لذلك من تأثير على ميزان العمل الثوري الداخلي.
إن هذين العنصرين يشكلان الركيزة الأساسية لأي عمل ثوري ناجح في المرحلة القريبة القادمة.
بقي أن نتساءل: فيما إذا كان ثمن الفيتو الروسي الصيني باهظاً على بشار بالدرجة التي تجعله يفقد أوراق اللعب الرئيسية في العمل السياسي القادم؟

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع