..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

صناعة الرجال

أسامة اليتيم

١٨ ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3405

صناعة الرجال
اليتيم 00.jpg

شـــــارك المادة

إن المتأمل في السيرة النبوية يلحظ قيام رجال مغمورين بأعمال عظيمة، ويعجب من طريقته صلى الله عليه وسلم في صناعة الرجال، وإعداد الطاقات البشرية التي رأينا أثرها في قصص الصحابة الذين ضربوا أمثلة عظيمة في الإبداع الدعوي والخطابي والعلمي والتجاري والدبلوماسي الذي تجلى في حسن مقالتهم لملوك الأرض..

والملفت للنظر أن أكثر هؤلاء المبدعين لم يكونوا من الصف الأول ولا من الدائرة الضيقة حول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، مما يدل على الإعداد القوي والتربية العظيمة التي تلقوها في مدرسة النبوة..
واليوم هناك ثغرات كثيرة في الثورة السورية، ولكن أهمها -في نظري- ثغرة تنمية الطاقات والموارد البشرية..
والناس -في أصل الخلقة- " كالإبل المئة لا تكاد تجد فيها راحلة"، فكيف إذا أضيف لقلة الرواحل عقودٌ من التجهيل والطمس والقمع التي أنتجت أجيالًا خاوية إلا من رحم الله.
وتصبح هذه الثغرة أعظم ضررًا وأشد خطرًا إذا لاحظنا سياسة التطهير التي انتهجتها العصابات الطائفية في سورية والتي تقوم على استئصال شأفة المسلمين واستهداف نخبهم.
إن العنصر البشري هو الصندوق الأسود لكل ثورة، وبدونه تموت الثورة في مهدها..
والثورة مهما بلغت من العطاء والتدفق فهي غير قادرة على تعويض النقص الحاد في الكوادر التي ترتقي يوميًا، وكم رأينا من فصيل قد انفرط عقده لموت قائده، أو مؤسسة قد انهارت بسبب ذهاب الصف الأول فيها..
ومع اتساع رقعة الثورة وتنوع متطلباتها تظهر الحاجة ماسة إلى الدماء الجديدة، وإلى المؤسسات التي تعنى بإعداد وتأهيل الطاقات والكوادر الشبابية..
وكلما كان الناشط فاعلًا ومؤثرًا كان الحفاظ عليه أوجب وحصانته آكد، وكم فقدنا من الطاقات بسبب بعض الاستعراضات الثورية "قائد عسكري، قناص، إعلامي، طالب علم.."، فالواجب البعد عن الظهور الإعلامي الذي غالبًا ما تعقبه اغتيالاتٌ مؤلمة، وعدم حرق الرموز في المناصب الوهمية والمعارك الجانبية، وعدم الزج بهم فيما لا يحسنونه، وعدم الاستجابة لاستفزاز الحاضنة الشعبية التي كثيرًا ما تطالب الناشط بأن يتحول إلى "سوبرمان الثورة"!!.
وقد كان من سياسة عمر رضي الله عنه إرجاع كبار الصحابة إلى المدينة ومنعهم من الخروج إلى الثغور والمعارك بعد أن لمس شدة الحاجة إليهم، ورأى عظم الخطب بفقدهم في حروب الردة.
قال عمر رضي الله عنه لجلسائه يومًا: تمنّوا. فتمنّوا.
فقال عمر: لكنّي أتمنّى بيتًا ممتلئًا رجالًا مثل أبي عبيدة بن الجرّاح. سير أعلام النبلاء (1/14).

 

 

صفحة الكاتب على فيسبوك

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع