..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

دواء القلب الكسير

خالد روشه

٢٩ ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3421

دواء القلب الكسير
11117036_624858297650594_867363439_n.jpg

شـــــارك المادة

أشد أنواع المعاناة هي معاناة المرء في البعد عن ربه سبحانه، وأقسى أحوال الحياة، هي الحياة بعيداً عن نور الاستقامة الإيمانية، وأبأس اللحظات هي لحظات الذنب والمعصية، تلكم هي الحكمة الحقة التي يخرج بها كل إنسان بينما يفارق دنياه مقبلاً على آخرته.

إنها لحياة بئيسة تلك التي تمر على أحدنا أيام معصيته، يتمنى الصالحون أن لو محيت عن سجلاتهم ونسيت من ذاكرتهم وذاكرة الأيام!

لكأن الكون كله يصير كئيباً بينما المسلم يعصي ربه، و رحابة الأفق تصير مساراً ضيقاً لانهاية له، والشهيق يدخل الصدر من ثقب إبرة!  "ضَيقًا حَرجًا كَأنما يصعد في السَمَاء"

تكثر خفقات القلب وترتعد الجوارح، وتتكون في النفس حالة غريبة من الفصام بين الداخل والخارج، فالقلب يرفض الذنب، ولكنه لايقوى على قيادة الجوارح بعيداً عنه، والنفس ترغب في الجموح ولاتجد من يملك زمامها أو يحجم ميلها.

عندها يحصل ذاك الفصام، وتظهر سلوكيات المعصية برغم كره العبد لها وتمنيه عدم حصولها، ذلك لأن قلبه الضعيف غير مؤهل لقياد تلك الجوارح الرعناء فأي خيبة تلك التي تنتظر الفتى بينما تسيره أقدامه نحو مايعلم ضرره ويتبين أذاه ويتأكد من خطره؟!
إنها لحظات فحسب يقضيها ذلك المفتون في متعة أو شهوة أو انحراف، تتبعها الحقيقة المقدرة، وتتلوها الوقائع المؤلمة، فيبدو الأسى، ويخيم الحزن، ويبدأ الانهيار.

أين ذاك العقل النابه بينما المرء منساق في متاهة سبيلها غضب الرب العظيم؟

أفلا يدله على قدر جرمه وفداحة خطيئته بينما يجترئ على عصيان الذي خلقه فسواه ورزقه فكفاه، وأنعم عليه كل نعمه، ووقاه شر الأذى، وعلمه الهدى؟!

ياله من عقل خسيس، إذ يدل صاحبه على منافع الدنيا وينسى دلالته على منافع الآخرة، وينبهه إلى إرضاء ذاته والناس، ويغفله عن إرضاء ربه والعالمين..

أفلا يستشعر كم من الراحة تجدها جوارحه وهو في فيض الإيمان الرحيب؟ وكم من السكينة تطمئن إليها نفسه وهو في سبيل الطاعة وخطى العبودية؟ وكم من التوفيق يحيط حركاته وسكناته وأفكاره وخطواته بينما هو يقترب من إرضاء ربه الأعلى؟

إن الإنابة تنادي أصحاب القلوب النازفة، والنفوس الجريحة من آثار الذنوب، تناديهم لحياة مطمئنة رحيبة، وتوبة تمحو الذكرى المؤلمة، وطاعة تذهب السيئات السابقة، وندم يحرق آثار الغفلة ويسد متاهة الانحراف.

قال سبحانه: "وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون"

فأقبل أيها القلب الكسير على ربك، وارجع إلى رحاب الرحمة، واستجب لنداء الإيمان..

ويالها من فرحة تلك التي تنتظرك عندئذ ويالها من سعادة تلك التي ستضمك إليها وتحتويك، ويالها من حماية تلك التي ستحيطك من بين يديك ومن خلفك وعن يمينك وشمالك ومن فوقك، تمنعك من الشيطان، وتنير بصيرتك نحو خيرك في الدارين.
 

 

المسلم

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع