..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

سنة الخلفاء الراشدين..

حسن الحملي

١٩ ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 7604

سنة الخلفاء الراشدين..
0101.png

شـــــارك المادة

مما جرت به أقلام أهل العلم تأصيلًا في مواضعاتهم: أنَّ سنة الخلفاء الراشدين أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي رضوان الله عليهم وعلى سائر الصحابة.. سنةٌ متبعة في الأصلين، أصـول الدين، وأصول الشريعة.. ولا يُـقصر اتباع سنتهم وهديهم على <العدالة والسمت والهدي>..

والتقعيد المقرر عند أهل العلم، هو: (أنَّ للخلفاء الراشدين سنةً متبعة بقول النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا فما سنه الخلفاء الراشدون: اعتبر سنة للرسول صلى الله عليه وسلم بإقراره إياهم، ووصيته باتباع سنة الخلفاء الراشدين)..

وعلى هذا التقرير والتأصيل سار السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار متبعين وصية النبي عليه الصلاة والسلام في قوله: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين) فهم متبِعُون لسنة الرسول، معظِّمُون لها مستمسِكُون بها، وكذلك سنة الخلفاء الراشدين، < وهم أبو بكر وعمر، وعثمان وعلي >..

فما سَنَّهُ هؤلاء مما لم يخالفوا فيه، ولم يختلفوا، ولم يُعَارَضُوا فيه، ولم يخالف دليلاً من الكتاب والسنة، فالأمة مأمورة باتباع هذه السنة، سنة الخلفاء الراشدين بوصيته عليه الصلاة والسلام، واتباعنا لهم، هو من تحقيق اتباعنا للنبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأننا بذلك نعمل بوصيته..

• وبمزيد بيان كاشف لهذا الأصل المهم عند أهل الاتباع للديانة المنجية، والمسلك الأسلم والأعلم والأحكم..

هو معرفة أن هذا الأمر منه عليه الصلاة والسلام (عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيْينَ مِنْ بَعْدِي) دالٌ على تعظيم سنة الخلفاء الراشدين..

ولأهل العلم، وأهل التأصيل والتفقه.. قولان مقرران في فهم المراد من خطاب النبوة الحكيم، وهما:

• الأول : أن سُنَة الخلفاء الراشدين ما أجمعوا عليه، أي ما اجتمع عليه الأربعة،
وهذا قول بعض أهل العلم..

• والثاني : أن سُنَة الخلفاء الراشدين هو ما سنه واحد منهم وقَبِلَهُ الصحابة في زمنه، تكون سُنَة له أمضاها، والنبي عليه الصلاة والسلام أمر باتباع سُنَتِه وسُنَة الخلفاء الراشدين المهديين من بعده..

والمترجح : القول الثاني ؛ لأن القول الأول : (وهو أن لا تُتَبَع إلا السُنَة التي اجتمعوا عليها) يُفْضِي القول به إلى تعطيل هذا الأمر النبوي في زمن أبي بكر، وفي زمن عمر، وفي زمن عثمان.. حتى تنقضي الخلافة الراشدة، وهذا لا شك أنه باطل شرعــًا وعقلًا ؛ لأن الأمر النبوي واجبُ الامتثال منذ تولي أبي بكر الخلافة، ففي عهد أبي بكر يجب اتباع سنة الخلفاء الراشدين، وأبو بكر أولهم فتُتَبَع سنته..

وهذا الذي كان يفهمه الصحابة، فيطيعون الخليفة فيما سنَّه ؛ لأن وصية النبي عليه الصلاة والسلام بذلك..

ولهذا أخذ أهل السنة بكثير من سُنَن الخلفاء،وأقرُّوها، وإن كانت لم تكن في زمن النبي عليه الصلاة والسلام، وخاصةً ما كان في زمن عمر، وفي زمن عثمان رضي الله عنهما، فإنه في زمن عمر عمل أشياء، منها : صلاة التراويح، ومنها إحداث الدواوين ونحو ذلك، وإن كانت هذه من قبيل المصالح المرسلة، لكن هي داخلةٌ في سنة الخلفاء الراشدين..

كذلك ما كان في زمن عثمان رضي الله عنه من إحداث الأذان الأول في الجمعة، وجمع المصاحف على حرف واحد، وإلغاء بقية الأحرف.. فهذه كلها سنن يلزمُ اتباعها، ولا يجوز تعطيلها ؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام أمر باتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعده عليه الصلاة والسلام..

يقول ابن القيم في كتابه إعلام الموقعين (4/ 140) شرحاً لمراد الطلب النبوي في أمره باتباع سنة الخلفاء الراشدين: (فقرن سنة خلفائه بسنته، وأمر بإتباعها، كما أمر بإتباع سنته، وبالغ في الأمر بها، حتى أمر بأنْ يعض عليها بالنواجذ، وهذا يتناول ما < أفتوا به وسنوه للأمة !! > < وإنْ لم يتقدم من نبيهم فيه شئ !! > وإلا كان ذلك سنته، ويتناول ما < أفتى به جميعهم >، < أو أكثرهم أو بعضهم > ؛ لأنه علق ذلك بما سنه الخلفاء الراشدون، ومعلوم أنهم لم يسنوا ذلك وهم خلفاء في آن واحد !! فعلم أنَّ ما سنه كل واحد منهم في وقته، فهو من سنة الخلفاء الراشدين)..

وينبه إلى فقه دقيق، ومهم للحديث.. الإمام الشاطبي في الاعتصام (1 / 187) بقوله : (وفي الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم : (فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ،وإياكم ومحدثات الأمور) فأعطى الحديث كما ترى : أنَّ ما سنه الخلفاء الراشدون، < لاحق > بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ لأن ما سنّوه لا يعدو أحد أمرين:

1- إما أنْ يكون مقصودًا بدليل شرعي، فذلك سنة لا بدعة..
2- وإما بغير دليل <ومعاذ الله من ذلك>..

ولكن هذا الحديث : دليلٌ على إثباته سنة،إذ قد أثبته كذلك صاحب الشريعة صلى الله عليه وسلم، فدليله من الشرع ثابت فليس ببدعة، ولذلك أردف اتباعهم بالنهي عن البدع بإطلاق، ولو كان عملهم ذلك بدعة لوقع في الحديث التدافع!!)..

 

 

 

صفحة الكاتب على فيسبوك

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع