..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


نجاح الثورة

سوريا منحة في محنة

أحمد بن فارس السلوم

١٧ ٢٠١١ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2937

سوريا منحة في محنة
36.jpeg

شـــــارك المادة

عجباً لأمر المؤمن!! إن أمره له كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن..
سوريا في محنة عظيمة، ومنحة كذلك من الله عظيمة.
كنت أُحدث نفسي عن هذا الشعب الذي أُخيف في الله وهُجِّر صالحوه وجُهِّل وضُلِّل وعاش تحت حكم البعث والنصيرية عقوداً طويلة كيف سيرجع إلى دينه؟

 


وكنت كذلك مع هبوب الثورات العربية متحيراً هل ستأخذ سوريا نصيبها منها؟
أشياء تتردد في صدري، وأكره البوحَ بها.
ثم أذن الله بما شاء.
وانطلقت الثورة، وأُهريقت الدماء وصودرت الحريات، فقلت: من لي بهؤلاء يعلمهم كيف يموتون في سبيل الله، من لي بهؤلاء يبصرهم بأمر دينهم، من لي ومن لي؟ ولكن الله - عز وجل - إذا أراد شيئاً هيئ أسبابه، وإذا شاء صير المحنة منحة..
رأيتُ الناس يخرجون من المساجد وينطلقون منها وهم يرددون كلمة التوحيد، كلمتهم الأولى التي رفعوها: لا إله إلا الله، وهي كذلك الأخيرة التي قالوها وهم يلفظون أنفاسهم الأخيرة.
رأيت الشباب حديثي الأسنان وهم يستقبلون الموت بصدور رحبة، ويتسابقون إلى الشهادة في سبيل الله، رأيتهم صرعى والسبابة تشير إلى معبودهم ومحبوبهم.
رأيت الشباب يلقن بعضهم بعضاً كلمة التوحيد.
رأيتهم وهم يقرؤون على موتاهم يس.
رأيتهم وهم يزفون قتلاهم: إلى جنات الخلد إلى جنات الخلد..
لم أملك دمعتي فسقطت من عيني حارة - كحرارة الحدث - على شعب يتمرد على سجانه، ويثور على قاتله.
حزنت وفرحت في آن واحد، حزنت لموتهم، بآلة حرب بُنيت بأموال الشعب لكي تحارب اليهود، لا لتقتل أبناءهم، وفرحت لتساميهم وتفانيهم وتطلعهم إلى ما عند الله.
ما أسرع ما رجعت يا سوريا إلى الله.
ما أسرع ما عطفت إليه وفئتِ إلى حِماة، عودي بالله عليك فعودك إلى الله أحمد.
كم في المحنة من منحة، لو مكثت أعدد المنح على بلاد الشام في المحنة التي حصلت لطال، أعظم ذلك - بعد العودة إلى الله - أمران:
الأول: اتخاذ الشهداء من هذه الأمة العظيمة، وإحياء معنىً خلت منه معاجمها ردحاً من الدهر طويلاً.
من خرج ثأراً لكرامته ونصرة لأخيه المسلم وجاره القريب والبعيد وغضباً للحرائر المسجونات وطلباً لمظلمته فلقي حتفه فهو شهيد، هذا والله الذي نعلمه والذي أخبرنا به رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - لما قال: ((من قُتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد)).
هكذا في حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -، وفي حديث سعيد بن زيد - رضي الله عنه -: ((ومن قتل دون مظلمته فهو شهيد)).
مَن منكم يا أهل الشام لم يظلمه هذا النظام البعثي العلوي الفاجر، من منكم لم ينله أذى منه، من منكم لم يكتوِ بناره، ويتقلّى على جمره، لذلك أقول مطمئناً: قتلاكم يا أهل الشام شهداء عند الله -بإذن الله-..
وأي منحة أعظم من أن يتقبلك الله شهيداً، لولا هذه المحنة ما نلتم هذه المنحة، فلم الحزن إذن؟ {ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين}، منازل بلغتموها بقليل من العمل ما كان لكم أن تبلغوها لو لم يهيئ الله لكم أسباب الشهادة، فهنيئاً لكم.
الثاني: صناعة الإنسان وتحريره من العبودية والذلة والهوان، والعالم العربي عامة وبلاد الشام خاصة محتاج إلى تحرير الإنسان وبنائه كي يتسنَّ له أن يصنع المجد ويبني الأوطان.
فالسوريون أحرار، وهكذا ولدتهم أمهاتهم، ولكن النظام العلوي البعثي أرادهم عبيداً له، واليوم قد صحا السوريون وهاهم يستعيدون حريتهم.
يا أهل الشام:
من أنزل عليكم المحن هو القادر على رفعها، ومن ابتلاكم هو الذي يعافيكم، ومن أسقمكم يشفيكم، فعودوا إلى الله، ولوذوا بحماه، وخروا له سجداً، وتقلبوا بين يديه، وألحوا بطرق بابه، طهروا أنفسكم مما تراكم عليها في عهد البعث والنصيرية، واغسلوا قلوبكم بالماء والثلج والبرد، ثم أملؤها ثقة بالله، ورضاً بقضائه، واطمئناناً إليه، وتبتلاً له، فسنة الله قائمة:
{إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}، فانصروا الله أولاً وأخيراً كي ينصركم،  {إن تنصروا الله ينصركم}، {إن ينصركم الله فلا غالب لكم}، {واستعينوا بالصبر والصلاة}، {إن الله مع الصابرين}، {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون}.
أبشروا يا أهل الشام فقد قرب رحيل الطغيان..
النظام السوري يستمطر غضب الله الجبار، وسيعجل نقمة الكبير المتعال، وذلك لما امتهن حرمة المساجد، ومنع بيوت الله أن يذكر فيها اسمه، هذا مسجد الصديق أبي بكر وقد خرب، وهذا الجامع العمري تصدح من مآذنه الموسيقى والأغاني التي تمجد الرئيس، وتسبح بقدسه، بعد أن كان يجلجل من مكبراته الأذان، وتمجيد الرحيم الرحمن، ويلكم أيها الأسديون البعثيون، هل جعلتم بشار الخاسر نداً لله القادر!!
وأبشر يا شعبي في سوريا، فقد أزفت نهاية الظلم والطغيان، فالله القائل: {ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم}، ومن أصدق من الله قيلاً..

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع