..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


مرصد الثورة

أمريكا غادرت قلب المنطقة وتركته لإيران وداعش والروس

وول ستريت جورنال

١١ ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 5705

أمريكا غادرت قلب المنطقة وتركته لإيران وداعش والروس
000بوتين.jpg

شـــــارك المادة

مع قصف روسيا وتآمر إيران، يتقلص دور الولايات المتحدة، فيما يبحث اللاعبون الرئيسيون في المنطقة عن سبل جديدة لتحقيق مصالحهم، هذا ما خلُص إليه مقال تحليلي نشرته "وول ستريت جورنال" اليوم لأحد أبرز مراسليها وكتابها "ياروسلاف تروفيموف".

كانت الولايات المتحدة القوة الرئيسة في الشرق الأوسط لعقود من الزمن تقدم لحلفائها التوجيه والحماية. ومع الاقتحام الجريء لروسيا وإيران في شؤون المنطقة، يبدو الآن أن هذا الدور الخاص يتلاشى، وأصبحت أمريكا عرضة للازدراء من الصديق والعدو على حدَ سواء.

وحتى "ريان كروكر"، وهو دبلوماسي مخضرم عمل سفيرا لإدارة أوباما في أفغانستان وقبل ذلك سفيرا للولايات المتحدة في العراق وسوريا ولبنان وباكستان، اعترف بالقول: "التأثير الأمريكي (وكذا التدخل) في المنطقة في أدنى مستوياته منذ الحرب العالمية الثانية".

من توجيه إسرائيل نحو السلام مع جيرانها العرب إلى دحر غزو العراق للكويت عام 1990 ووقف انتقال عدوى الثورة في إيران، وفقا للكاتب، كانت الولايات المتحدة منذ فترة طويلة في صميم النظام الأمني ​​في منطقة الشرق الأوسط. كانت قوتها العسكرية قادرة على تأمين طرق التجارة الحيوية والجزء الأكبر من إمدادات النفط في العالم.

في حين يجري اليوم ملء الفراغ الناجم عن انسحاب الولايات المتحدة من قبل القوى ذاتها التي سعت السياسة الأميركية منذ فترة طويلة لاحتوائها.

وأضاف السفير "كروكر": "إذا نظرتم إلى قلب الشرق الأوسط، حيث كانت الولايات المتحدة هناك يوما ما، فتجدون أننا قد ولَينا، وحل محلنا الآن في المكان نفسه، إيران، وكلاء إيران الشيعية، تنظيم الدولة الإسلامية والروس"، وأضاف "كروكر"، وهو الآن عميد معهد جورج بوش للحكومة والخدمة العامة في جامعة تكساس "أيه أند أم" معترفا: "ما كان زمان ومكان سطوة الولايات المتحدة قد تنازلنا عليه لخصومنا".

بالطبع، كما أورد الكاتب، تحتفظ الولايات المتحدة بحضور قوي في منطقة الشرق الأوسط الكبير، مع انتشار حوالي 45000 جندي في المنطقة وعلاقات عميقة مع أجهزة الاستخبارات الصديقة والشركاء في السلطة من باكستان إلى المغرب. وحتى بعد الانسحاب الأمريكي في العراق وأفغانستان، قد يفوق الحضور العسكري في المنطقة ما نشرته روسيا مؤخرا في سوريا من بضع عشرات من الطائرات الحربية وبضعة آلاف من الجنود.

وكما جادل إدارة أوباما، فإنه ليس فك الارتباط هو الذي قوض مكانة أميركا الدولية، ولكنها المبالغة في التوسع والتمدد في عهد الرئيس جورج بوش.

وحتى منذ قلب الربيع العربي النظام الشرق الأوسطي في عام 2011، فإن قدرة أميركا على التأثير في المنطقة قد استُنزفت من خلال الاقتناع المتزايد بأن تجنب واشنطن للمخاطر والتركيز على محور السياسة الخارجية لآسيا، وهذا لأنها لا تريد أن تمارس دورها التقليدي في قيادة الشرق الأوسط بعد الآن.

"ليست القوة العسكرية الأمريكية هي أهم شيء، فهناك حجم كبير من القوة العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط، كما قال جيمس جيفري السفير الأميركي السابق في العراق وتركيا، فالناس هناك يعتقدون، سواء من قبل أصدقائنا أو خصومنا، أننا سوف نستخدم هذه القوة لحماية أصدقائنا، من دون تحفظ ولا تراخٍ"، ولكن "لا أحد على استعداد لاتخاذ أي مخاطر إذا كانت الولايات المتحدة لا تتخذ أي مخاطر وإذا خشي الناس أننا سوف نبتعد عنهم غدا".

يبدو أن هذا التصور يكتسب زخما في المنطقة، حيث يشعر الحلفاء التقليديون -إسرائيل وأمراء الخليج- يشعرون بأن أمريكا تخلت عنهم بعد الاتفاق النووي مع إيران.

"الارتباط مع أميركا اليوم يحمل تكاليف كبيرة ومخاطر كبيرة"، كما قال "اميل حكيم"، الباحث في معهد الدولي للدراسات الإستراتيجية في البحرين، مضيفا: "كائنا من كنت في المنطقة، لديك حقد عميق ضد الولايات المتحدة. فإذا كنت في الدوائر الليبرالية، ترى أن أوباما استرضى القادة المستبدين أكثر من اللازم. وإذا كنت زعيما استبداديا، ستعود إلى قضية مبارك وكيف أن الولايات المتحدة حليف غير جدير بالثقة. فليس هناك دائرة واحدة في المنطقة داعمة للولايات المتحدة في هذه المرحلة، إنه أمر مذهل حقا".

وتحرك إدارة أوباما بعيدا عن الشرق الأوسط، يرجع في الأصل، وفقا للكاتب، إلى الإرهاق الشديد مع الالتزامات العسكرية والمالية الضخمة التي استنزفت الولايات المتحدة منذ 11/9، وخصوصا بعد غزو العراق عام 2003: منذ عام 2001، أنفقت أمريكا على 1.6 تريليون دولار على الأقل، وفقا لخدمة أبحاث الكونغرس، وقُتل حوالي 7000 جندي أمريكي في المنطقة.

ونقلت الصحيفة عن "جيريمي شابيرو"، وهو زميل في معهد بروكينغز في واشنطن والمسؤول السابق بوزارة الخارجية، قوله: "إننا لا يمكننا أن نعمل أكثر مما فعلناه في العراق، وليت الأمر توقف عند حدود الفشل وفقط، ولكن الأوضاع أصبحت أكثر سوءا. وهذا شيء علينا أن أخذه في الاعتبار عند الحديث عن سوريا".

من خلال تقليص التزاماتها تجاه الشرق الأوسط، كما أضاف المسؤول السابق في الخارجية الأمريكية، فإن إدارة أوباما تكون قد اعترفت حقا بحدود نفوذ الولايات المتحدة في منطقة مضطربة بشكل دائم.

ويعكس هذا التردد في التدخل أيضا المزاج العام للجمهور الأمريكي، كما رأى بريان كاتوليس، الباحث في مركز التقدم الأميركي، وهو معهد أبحاث في واشنطن مقرب من الإدارة.

وقال: "إنه ليس حقا "الإرهاق" من حربي العراق وأفغانستان. أرى أن الأمر أكثر التصاقا بالبراغماتية، فالعديد من الأميركيين ينظروا إلى الوراء 15 عاما من تدخل الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ولم يجنوا منها إلا عودة ضئيلة للاستثمار عندما يتعلق الأمر بالاستقرار. لذلك، هناك شكوك طبيعية".

أما الآن، فالرأي العام الأميركي لا يدفع ثمنا كبيرا لتآكل مكانة البلاد في الشرق الأوسط. ولم تتعرض الولايات المتحدة لهجوم كبير على وطنهم منذ عام 2001، ولا تزال أسعار النفط منخفضة. والملايين من اللاجئين الفارين من سوريا والعراق يتدفقون إلى البلدان المجاورة وأوروبا، بشكل متزايد، وليس إلى أمريكا البعيدة. ورغم أن المنطقة مشتعلة، مع خمس حروب مستعرة الآن من ليبيا إلى أفغانستان، فإن الجنود الأمريكيين ما عادوا يموتون يوميا في ساحات القتال البعيدة.

ولكن فك الارتباط الأمريكي لا يزال مكلفا على المدى الطويل، حتى لو تجاهلنا الكارثة الإنسانية في سوريا، حيث قتل أكثر من 250 ألف شخص وفر أكثر من نصف السكان من منازلهم.

ومع ثورة الصخر الزيتي، ربما ما عادت الولايات المتحدة تعتمد على نفط الشرق الأوسط كما في السابق، ولكنَ حلفاءها وشركاءها التجاريين الرئيسيين لا زالوا يعتمدون عليه.
 

 

العصر

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع