..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


مقالات منوعة

ما لهم غيرك يا الله

القدس العربي

١٣ ٢٠١٣ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 6425

ما لهم غيرك يا الله
405_270_01353395709.jpg

شـــــارك المادة

تصريح المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية الامريكية (سي اي ايه) مايكل هايدن أن انتصار قوات الرئيس بشار الأسد في سوريا قد يكون ‘الأفضل بين ثلاثة سيناريوهات مرعبة جدا جدا’، يعتبر أجمل هدية يتلقاها الرئيس السوري منذ بداية الانتفاضة قبل 32 شهرا.

 

 

يعتبر هايدن أن السيناريوهين الأخيرين: تفتت البلاد بين فصائل متخاصمة مما سيؤثر على دول المنطقة، واستمرار المعارك إلى ما لا نهاية بين متطرفين سنة ومتعصبين شيعة، وللأسف ما لم يقله هايدن أن سلبية حكومته بتعاملها مع الأزمة يحملها مسؤولية كبيرة بوصول الوضع إلى ما هو عليه.
ورغم إدراكها لهذه المخاطر، لم تجر واشنطن أي تصحيح لسياساتها في ما هي تدفع باتجاه حل سياسي من خلال جنيف2، لكن السلبية التي تخطط وتعمل بها فضلا عن تجاوبها الدائم مع الرغبات الإسرائيلية تبدو وصفة لإدامة الصراع لا لإقامة أي حل سياسي.
وسيناريو بقاء الأسد يبدو أنه كان منذ البداية الحل الأنسب للإدارة الأمريكية التي تخشى وصول قوى جديدة، لا تعلم مدى قدرتها على بسط السيطرة على الدولة، وهذا ما أعطى الوقت الكافي لوصول قوى متشددة تعمل على زعزعة القوى المعتدلة.
القوى المعتدلة، الممثلة بالائتلاف الوطني لقوى الثورة والجيش السوري الحر، والذي من المفترض نظريا أن يتلقى الدعم، (خاصة وأنه أينما ذكر اسمه يرفق بعبارة المدعوم من الغرب)، يتلقى عمليا الضربات، فمن جهة يواجه القوى المتطرفة على أطراف البلاد، ومن جهة ثانية يواجه الآلة العسكرية للنظام والقوى العسكرية الأخرى التي تسانده، سواء حزب الله أو أبو الفضل العباس.
وقد تلقى الجيش الحر ضربة قوية إثر تصاعد التوتر بينه وبين الجبهة الإسلامية التي استولت على مبان ومخازن لقواته في أضنة بالقرب من الحدود التركية، لكن الضربة الأهم جاءت بإعلان الولايات المتحدة وبعدها بريطانيا وقف المساعدات، ورغم أن هذه المساعدات تقتصر على اللباس العسكري والمناظير الليلية والمواد الغذائية وأجهزة الاتصالات، إلا أن مجرد إعلان الولايات المتحدة عن ذلك، سيؤثر سلبا على نفوذ الجيش السوري الحر وسيزيد من تفككه.
فبدلا من تعويضه عن الخسائر، تزيد الإدارة الأمريكية الضغط عليه، وكأن المطلوب الوصول لسيناريو هايدن المفضل، وهو ما لوح به وزير الدفاع الأمريكي تشاك هاغل بتصريحه أمس، عندما تتم تنحية المعارضة المعتدلة فإن هذا ليس بالأمر الجيد، ولكن هذا ما نتعامل معه’.
ويبدو أن هذا سينعكس في مؤتمر جنيف2 المقرر عقده في 22 كانون الثاني/يناير المقبل في مونتري على بحيرة ليمان، حيث سيصل الائتلاف ضعيفا ومفككا، بينما يصل ممثلو الأسد معززين بانتصارات عسكرية.
تتزامن هذه التطورات، مع مواصلة النظام منع وصول المساعدات الإنسانية للمدنيين في ظل هذا الشتاء القاسي، وهذا بحد ذاته يعتبر جريمة، فكيف إذا ترافق ذلك بقرائن تشير إلى قصف المدنيين وذبح المئات واستخدام الأسلحة الكيميائية.
الرد الأمريكي على هذا كان الإدانة والدعوة لمحاسبة المسؤولين عن الأعمال الوحشية، دون تسميتهم، والإشارة إلى استمرار عمل وزارة الخارجية الأمريكية مع الناشطين السوريين والمجتمع المدني لتطوير تفهم سليم ومناقشة العدالة الانتقالية المستقبلية، مثل هذه التصريحات لم نعتد عليها إلا من لجان حقوقية ومؤسسات مدنية، وليس من قوة عظمى.
وعندما تكتفي الولايات المتحدة بالدعوة لإدانة المجازر، يكون المواطنون البسطاء في سوريا، فهموها مبكرا حين رددوا ‘ما لنا غيرك يا الله’.
 

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع