..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


اخبار الثورة

دمشق 2015.. عاصمة بلا دولة

علاء الدين عرنوس

٣ ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2627

دمشق 2015.. عاصمة بلا دولة
0100120441.jpeg

شـــــارك المادة

لا مكان لأحاديث السياسة بين الدمشقيين إلا في البيوت، والبيوت في دمشق أسرار، عصية على البوح لصحافيٍ زائر جاب أسواقها ومتاجرها يحملُ أسئلةً لا يجرؤ على طرحها، بضاعة سوق النحّاسين الكاسدة في المدينة القديمة فقدت بريقها، والباعة جلسوا إلى كراسيهم العتيقة يتحدثون في كل شيء إلا السياسة بلهجةٍ مألوفة على متابعي المسلسلات الشامية، بأصواتٍ مرتفعة ترتد في الأزقة الخالية من أقدام السائحين.


صور بشار الأسد وعبارات التأييد تمس كل مساحة إعلانية ممكنة في شوارع دمشق، فضلاً عن متاجرها التي عقدت "حلفاً مع الشيطان" على حد تعبير أبو يحيى تاجر الأقمشة الدمشقي في سوق الحريقة بالعاصمة، والذي توقف عن عمله وباع متجره بداية 2013 بعد أن بدأت استخبارات النظام مضايقته بفرض الخاوّات (الإتاوات) وسلب أقمشته، فضلاً عن ملاحقة ابنه المتخلف عن خدمة العلَم.
خاوّات ورشاوى:
يرى أبو يحيى أن تجار دمشق الحاليين يعملون تحت قوانين المخابرات التي أصبحت تدير شؤون التجارة بدمشق، فالمؤسسات الحكومية باتت وفق رأيه "مجرد صورة ساخرة لدولة تعجز عن ممارسة دورها الخدمي والتنفيذي جراء اتساع نفوذ رجال الأمن على حساب القانون".
ويَعتبر التاجر الدمشقي أن دوافع التجار الصغار للعيش والتكيف مع الواقع الجديد، تلزمهم بدفع الخوّة والرشاوى لرجال الأمن بشكل دوري "ليأمنوا شر التسلط الذي ينتهي بهم في السجن تحت أي تهمة ملفقة".
وعند سؤاله عن حجم الوجود الأمني بأحياء العاصمة، يجيب "إذا أرت أن تقدر الحجم الحقيقي لعناصر الأسد عليك أن تنتظر حتى منتصف الليل، فهذه ليلة رأس السنة وسيحتفل الشبيحة على طريقتهم" في إشارة منه إلى مظاهر إطلاق الرصاص الحي من قبل الشبيحة بداية رأس السنة.
ويتطرق أبو يحيى للحديث عن أعضاء جمعيات وعناصر من المدنيين المؤيدين الذين وجدوا عملاً في مساندة الأفرع الأمنية في السيطرة على مفاصل العاصمة، فيقول "منذ السنة قبل الماضية حرصت على منع ابنتي من الذهاب للجامعة مع أنها في السنة الأخيرة خوفاً من تعرض الشبيحة لها، فالنساء المحجبات هنا أكثر من غيرهن عرضةً للتفتيش والمراقبة والتحرش".
واقع مؤلم:
مالك الدمشقي، ممثل دمشق للحراك الثوري لدى المعارضة، يرى أن حال أبو يحيى لا يختلف كثيراً عن أوضاع تجار دمشق، فتحدث عن ما وصفه بـ "حكومة كونترا أمنية" تعمل على قيادة البلد إلى مزيد من الهاوية، ويستشهد قائلاً "لقد اعتقلت مخابرات الأسد قبل أيام المهندس محمد السبيناتي صاحب متاجر الهواتف الذكية بدمشق، وأغلقت مستودعاته بتهمة نقله معدات طبية لأطراف في المعارضة بحي جوبر".
ويضيف الدمشقي في اتصال هاتفي مع الجزيرة نت "لا مفر من الاعتراف بأن نظام الأسد سعى منذ الأيام الأولى للثورة لإحكام قبضته على العاصمة لما لها من رمزية وعمق، فحرص على احتواء كبار التجار لضمان بقائه مسلطاً بالترغيب والترهيب" ويستدرك "لكن فصائل المعارضة باتت قريبة من دمشق أكثر من أي وقت مضى".
ويخلص للقول "إن الواقع المؤلم الذي فرضته سياسة النظام في العاصمة، بدد أمل الناس في أجهزة الدولة التي تحولت إلى مراكز تجمّع للمسيرات المؤيدة ومأوى للشبيحة وكتائب البعث المنتشرة في الشوارع".
دمشق في ليلة رأس السنة احتفلت على طريقتها بإطلاق النار من كل مكان يوجد فيه رجال الأسد، من الجبهات القريبة إلى الحواجز فالمقرات والأفرع الأمنية، صوت الرصاص في الأجواء لا يترك فسحةً للتساؤل مجدداً عن حقيقة المشهد الذي أشعل عتمة دمشق باستثناء عبارة رددها التاريخ "نيرون أشعلَ روما".

 

 

 

 

الجزيرة نت

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع