..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


اخبار الثورة

الأزمة السورية تشعل الصراع بين بارونات النفط في موسكو وواشنطن

المرصد الاستراتيجي

٩ ٢٠١٧ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2437

الأزمة السورية تشعل الصراع بين بارونات النفط في موسكو وواشنطن

شـــــارك المادة

عين الرئيس الروسي بوتين (29 سبتمبر 2017) صديقه المستشار الألماني السابق غيرهارد شرودر (73 عاماً) رئيساً لمجلس إدارة شركة النفط الروسية العملاقة "روسنفت"، الأمر الذي سيضعه في موقع المواجهة المباشرة مع وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون الذي شغل منصب رئيس مجلس إدارة شركة النفط العملاقة الأخرى "إيكسون موبيل" (2006-2016).

وقد أثار ذلك التعيين تساؤلات حول الأثر على العلاقات بين البلدين وعلى مستقبل اقتصاد الطاقة، حيث يقف المستشار الألماني السابق غيرهارد شرودر في موقع الندية لبوتين، ويتمتع بموقع فريد كونه أول رئيس مجلس إدارة غير روسي يشغل هذه المنصب المرموق، مما يمكنه من تعزيز إستراتيجية موسكو في الخارج عبر طرح نفسه كسياسي مستقل يتمتع بإذن صاغية من بوتين، في حين يواجه تيلرسون مشكلة كبيرة في التعامل مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

ويبرع شرودر في مجالي السياسة والطاقة، ولا شك في أن منصبه السابق كرئيس لحكومة بلد غربي هام سيتيح له مجال الإلمام بمدخلات ومخرجات النظام السياسي الأمريكي، ومعرفة سبل استغلال نقاط ضعفه لصالح موسكو.

وليست هذه هي المرة الأولى التي يستعين فيها الزعماء الروس بسياسيين غربيين ذوي إمكانات مميزة، بل فعلها الاتحاد السوفيتي في الخمسينات حينما هرب الجاسوس البريطاني كيم فيلبي إلى موسكو حيث عُين جنرالاً في الجيش الأحمر ومُنح مطلق الحرية لتشكيل جهاز مكافحة التجسس الروسي الذي لا زال حتى اليوم  يربك نظراءه في الغرب.

 وبينما عاش الجاسوس البريطاني في موسكو وتزوج من روسية بعد أن نبذه الغرب؛ فإن شرودر يعمل في حقبة ما بعد الحرب الباردة ويستطيع تجنيد شركاء يتفقون مع توجهه المؤيد لروسيا من بين معارفه العاملين في شتى المجالات في ألمانيا، إذ يمتلك مشروعاً طموحاً لإنشاء تحالف روسي ألماني قد يكون نواة اتحاد أوروبي موسع، يعمل على التخلص من ربقة التبعية الأووبية لواشنطن.

ويشير التعيين إلى براعة بوتين في توظيف الوسائل الناجعة لتعزيز نفوذه الخارجي، فينما يتخذ من تعاونه من تركيا مدخلاً إستراتيجياً للشرق الأوسط؛ فإنه يرغب في الاستفادة من شرودر لإنشاء شراكة مع أوروبا تقوم على مزاوجة الطاقة مع الصناعة، ويرى كل من شرودر وبوتين وجود فرصة سانحة للاستحواذ على أسواق الشرق الأوسط وأوروبا في ظل انحسار الدور الأمريكي، حيث يرى السياسي الألماني المحنك فرصة القيام بتحرك روسي-ألماني مشترك للسيطرة على مصادر وأسواق الطاقة التي هجرتها الولايات المتحدة، وذلك من خلال مزاوجة القدرة العسكرية الروسية بالاستحواذ على مصادر الطاقة، وخاصة في العراق وإيران وسوريا، وقطر وليبيا.، مما يعكس سعي موسكو للاستحواذ على مصادر النفط والغاز في الشرق الأوسط وعلى الأنابيب التي تحمل الوقود للأسواق العالمية.

وفي سوريا يسود الاعتقاد أن دخول جيش النظام حقل "التيم" الذي يعد أقدم حقول النفط المستثمرة بدير الزور، يأتي ضمن إستراتيجية موسكو للسيطرة على أغنى بقاع سوريا بالنفط والغاز، الأمر الذي دفع بقوات "قسد" إلى التقدم باتجاه حقل العمر وحقل كونوكو، وحاولت إعاقة تقدم قوات النظام إلى الضفة الأخرى من نهر الفرات لكن التحذير الروسي شديد اللهجة لواشنطن ردع تلك القوات.

وتشير المصادر إلى أن أستانة (6) قد أبعد فصائل المعارضة عن معركة الاستحواذ على موارد الطاقة، وأشعل التنافس بين قوات النظام المدعومة من قبل روسيا، وبين "قسد" المدعومة من قبل الولايات المتحدة للسيطرة على نحو أربعين حقلاً للنفط والغاز أبرزها: الرميلان، والشدادي، وجبسة، والسويدية، كما سيطرت قوات المارينز في الآونة الأخيرة على حقل "كونوكو" للغاز في ريف دير الزور، وهو من أكبر حقول الغاز في سوريا، حيث يُعتقد أن محافظة دير الزور تضم أكثر من سبعين بالمائة من مصادر الطاقة في سوريا، كما تسيطر واشنطن على سدود المياه الكبرى في البلاد وتشمل "سد الثورة" في الطبقة و"سد تشرين" و"سد البعث".

وتحوي محافظة دير الزور عدداً من أكبر حقول النفط السورية، مثل التيم، والتنك (بادية الشعيطات)، والعمر (شمال شرق الميادين)، والورد، وخشام، والخراطة، والحسيان، والجفرة، علاوة على معمل غاز كونيكو (ريف دير الزور الشرقي) والذي يعدّ أحد أهم مصادر الغاز السوري. وتشكل حقول البادية وحقول توينان والحباري والثورة أكثر من 60 في المائة من إنتاج البلاد.

ويبدو أن حركة المارينز الخاطفة لبسط السيطرة على حقل "كونوكو" بالتعاون مع "قسد" قد دفع بالقوات الروسية لشن غارات على منشآت ذلك الحقل، والمبادرة إلى دعم تمدد قوات النظام شرقاً للسيطرة على حقول الفوسفات والنفط والغاز.

ففي 25 سبتمبر اتهمت مليشيا "قسد" روسيا باستهداف مواقع لها في محافظة دير الزور السورية،  ما أسفر عن إصابة عدد من مقاتليها، وقال متحدث باسمها إن طائرات حربية روسية قصفت مواقعها قرب حقل "كونوكو" الذي انتزعت السيطرة عليه من تنظيم الدولة قبل أيام.

ووفقاً لمصادر مطلعة فإن روسيا كانت ترغب في السيطرة على حقل "كونوكو" الذي يحتوي على خطين لإنتاج الغاز الحر لأغراض الاستخدام المنزلي، إضافة إلى توفير 145 مليون قدم يومياً إلى محطة جندر للكهرباء لإنتاج 400 ميغاواط من الكهرباء، أي 40% من الكهرباء المنتجة من الشبكة الغازية في سوريا، حيث استعجلت العبور إلى الضفة الشرقية لنهر الفرات قبل أن تثبت مواقعها في مدينة دير الزور، وقامت بنشر نحو ثلاثة آلاف مقاتل غير نظامي للسيطرة على منشآت النفط والغاز، وعندما باغتت "قسد" روسيا بالسيطرة على حقل "كونوكو" بادرت القوات الروسية إلى قصفهم تعبيراً عن سخطها.

وعلى صعيد آخر يثور السخط في طهران من تسريبات حول مفاوضات تجري بين موسكو وأربيل لتمكين إقليم كردستان العراق من تصدير النفط عبر الأراضي السورية في حال قررت تركيا إغلاق الأنابيب القادمة من الإقليم بالكامل على خلفية الاستفتاء الأخير، حيث استثمرت تركيا في قطاع النفط بكردستان العراق أربعة مليارات دولار، كما أن شركة "روس نفط" وقعت قبل مدة مع كردستان صفقة بقيمة مليار دولار لمد أنبوب غاز عبر تركيا إلى أوروبا. لذلك فإن الدولة الوحيدة في العالم، التي علقت بتحفظ على الاستفتاء هي روسيا.

ويعبر مراقبون غربيون عن قلقهم من ترجح احتمالات هيمنة روسيا على نفط الشرق الأوسط في مرحلة ما بعد "داعش"، فبالمقارنة مع تنامي نفوذ شرودر في الكرملين؛ يواجه تيلرسون مشكلة في إقناع كبار موظفي الخارجية الأمريكية بجدوى الاستفادة من الصداقات والشراكات التي كونها حينما ترأس شركة "إكسون موبيل"، مما يدفعه لعزل نفسه عن طاقم الوزارة النظامي والعمل منفرداً مع بعض المساعدين الخاصين، وقد كسب في الأشهر الماضية سمعة غير طيبة كمعارض لسياسات ترامب في القضايا الرئيسية، حول سياسات ترامب إزاء إيران وكوريا الشمالية، خاصة وأن تيلرسون يعارض بشدة اصطفاف ترامب ومستشاريه خلف السعودية وحلفائها في الخلاف مع قطر.

وما يميز شرودر عن تيلرسون هو تناغم الأول مع بوتين، وتنافر الأخير مع ترامب، رغم نفيه للإشاعات التي  تحدثت عن رغبته في الاستقالة وكيف أقنعه نائب الرئيس بنس بالبقاء.

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع