..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

لم كل هذا الاهتمام بـ"منبج"؟

العصر

٢٠ ٢٠١٦ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3052

لم كل هذا الاهتمام بـ
0 اكراد.jpg

شـــــارك المادة

بدأت "قوات سوريا الديمقراطية"، التي تهيمن على تركيبتها ومكوناتها "وحدات الحماية الشعبية" الكردية، في نهاية مايو الماضي، معركة منبج، متجاوزة ضفة الفرات من الشرق نحو الغرب، لتبدأ معركة السيطرة على المدينة الواقعة على الضفة الغربية للنهر، في ريف حلب الشمالي، على الحدود التركية، والتي يبلغ عدد سكانها مع ريفها، 550 ألفاً، 92 في المائة منهم من العرب، ويقطنها قليل من الأكراد والتركمان والشركس.

وقد شدَدت هذه القوات حصارها على المدينة منذ 10يونيو وانتشرت الأخبار عن مشاركة وحدات عسكرية خاصة أميركية ومن ثم فرنسية وألمانية وبريطانية في هذه العملية، فيما تحدث متابعون عن استماتة مقاتلي "تنظيم الدولة" في الدفاع عن المدينة.

وأُثيرت تساؤلات كثيرة عن سر الاهتمام الغربي بمنبج، مع العلم أن أهميتها الإستراتيجية العسكرية لا تقل أهمية الرقة أو حلب.

يرى محللون أن "منبج" تمثَل بالنسبة للقوات الكردية التي حشدت أربعة آلاف مقاتل، وبدعم جوي وبري واستشاري دولي كبير، جسراً يربط بين القطاعات الثلاثة لكردستان الحلم، الجزيرة وكوباني وعفرين، حيث يتصل قطاعا الجزيرة وكوباني، بعد سيطرة الأكراد على الشريط الحدودي مع تركيا كاملاً ويبقى الجيب ما بين ضفة الفرات الغربية وقطاع عفرين، والذي يبدأ بمنبج وجرابلس شمالها، مروراً بالباب ودابق، والتي يسيطر عليها جميعا "تنظيم الدولة" حتى اعزاز، التي يسيطر عليها ثوار الفصائل.

ووفقا لمتابعين، فإن خوض "قوات سوريا الديمقراطية" لمعركة "منبج" يعني أنها دخلت مرحلة جديدة في توسعها وسيطرتها متجاوزة نهر الفرات، في مناطق عربية تاريخياً، لا يملك فيها الأكراد، امتداداً تاريخياً أو اجتماعياً، مستعيضة عنه في معركتها بالدعم الدولي الذي تحصل عليه من الائتلاف الذي تقوده واشنطن، ذلك أنها قدمت نفسها على أنها الأطراف في مواجهة "داعش"، ولا سيما في معركة كوباني، كما إنها تصطف في معسكر روسيا كحليف للنظام السوري وإيران في مواجهة الثوار.

وبالنسبة لـ"تنظيم الدولة"، وفقا لمراقبين، فإن منبج بحد ذاتها لا تمثل قيمة كبيرة، كما كانت كوباني على سبيل المثال لكونها على الحدود مباشرة، لكنها تمثل امتدادا للجيب القليل المتبقي لها على الحدود، والذي يتعرض لضغوط كبيرة من الائتلاف أو المدفعية التركية أو هجمات الأكراد، مما دفعها للتخلي عن عشرات القرى مرة واحدة.

وتعدَ "منبج" من أولى القواعد التي تستقبل المقاتلين الأجانب الملتحقين بصفوفه، فضلاً عن أنها طريق إمداد رئيس للتنظيم، وهي أيضاً طريق إستراتيجي بينها وبين معقل التنظيم الرئيس في الرقة، وبينها وبين أوروبا، ما جعلها قاعدة استقبال للمقاتلين من الخارج وتصديرهم منها إلى أوروبا وأماكن أخرى، كما كتبت صحيفة "النهار" اللبنانية، وعلى المستوى التجاري تعتبر المدينة أيضا مقر بيت المال النفطي لداعش، فعبرها يمر أهم طريق لـ"داعش" يصل إلى تركيا، وفقا للصحيفة ذاتها.

في الوقت نفسه، كما أوردت الصحيفة، تأتي منبج كبوابة الفرات تجاه دابق، الأبعد باتجاه الغرب، والقرية التي تعتمد عليها "داعش" في خطاب التجنيد والحشد، لكونها بحسب أدبياتها: "ستشهد الملحمة الكبرى ونهاية التاريخ"، ولعل هذا ما دفع "تنظيم الدولة" إلى التوجه نحو مارع، الملاصقة لدابق، والضغط على المعارضة هناك، وحصار المدينة.

ويرى تحليل الصحيفة أن تركيا تُعدَ الطرف الأكثر تضرراً جراء الاجتياح الكردي لما تبقى من مدن وبلدات الشريط الحدودي مع سوريا، خصوصا ما تعلق بتقدم "قوات سوريا الديمقراطية" غرب نهر الفرات، الذي اشتهر بكونه خطا أحمر تركيا، وضعت أنقرة كل ثقلها لمنع تجاوزه طيلة الأشهر الماضية من هذا العام. لذلك فإن إطلاق معركة منبج يعتبر بمثابة الصفعة القوية لمصداقية أنقرة وهيبتها.

وتستشعر انقرة خطورة معركة منبج، خصوصا وأن هذا الجيب يقع في قلب منطقة "روج آفا" التي يريد أكراد إقامة حكم ذاتي فيها، وهي تسعى لمنعهم من تحقيق حلمهم. ولعل الأميركيين يدركون جيداً هذه المخاوف، كما كتبت "النهار" اللبنانية، لذلك فقد طمأنوا للجانب التركي بأن نسبة القوات الكردية المشاركة لا تزيد عن خُمس أو سدس "قوات سوريا الديمقراطية". ولكن الأتراك يعلمون جيداً بأن التركيبة الفعلية لهذه المجموعة المسلحة مغايرة لما يقدمه الأميركيون من معلومات، خصوصاً وأنه لا يخفى على أحد أن "وحدات حماية الشعب" الكردية تشكل غالبية هذه القوات، وهي الآمر الناهي فيها.

وترى أنقرة أن أي تجاوز من هذه الوحدات للفرات يمثل اقتراباً للأكراد من تشكيل دولتهم، التي تمثل لتركيا خطراً قومياً، في ظل معركتها الطاحنة مع حزب العمال الكردستاني، الذي يمثل "حزب الاتحاد الديمقراطي"، ووحداته الشعبية، فرعه السوري، مما يعني تأمين عمق إستراتيجي للأكراد وخطوط أمداد من داخل تركيا وسوريا واليهما، وفقا لتقديرات الصحيفة.

وربما يكون عدم اقتناع الجانب التركي بالمسكنات الأميركية قد دفع الولايات المتحدة إلى تقديم مهدئات أخرى غير مباشرة في الميدان، وهو ما يفسر على سبيل المثال تعمد الطائرات الأميركية تدمير جميع الجسور التي تربط بين ريف مدينة منبج وريف مدينة جرابلس ذات المعبر الحدودي مع تركيا، كما أورد تحليل الصحيفة.

وإذا كان الهدف المعلن من هذه الغارات هو تقطيع أوصال "داعش" ومنعه من استقدام تعزيزات من جرابلس نحو منبج، أو الانسحاب بالعكس، وفقا للصحيفة نفسها، فإن ثمة من ينظر إلى الأمر باعتباره رسالة ضمانات لتركيا بأن الأمور لن تصل إلى أقصاها، ويتمثل ذلك في منع مقاتلي "قوات سوريا الديمقراطية" من الاقتراب من جرابلس بعد سيطرتهم على ريف منبج، وتاليا ضم قطاع عفرين إلى قطاع عين العرب (كوباني) لإتمام الكانتون الكردي في الشمال السوري.
 

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع