..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

الغلو في الدين... بين التفسير والتبرير

عبدالله الوطبان

١٢ ٢٠١٦ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 5288

الغلو في الدين... بين التفسير والتبرير
الله الوطبان 00.jpg

شـــــارك المادة

لا شك أن ظاهرة الغلو في الدين في العصر الحاضر ظاهرة معقدة ومركبة، وأن محاولة دراسة أسبابها ستؤكد هذا المعنى، نظراً لكثرة الأسباب وتشعبها.

تنبع أهمية دراسة أسباب ظاهرة الغلو - وغيرها من الظواهر بطبيعة الحال - من كون معرفة الأسباب وتحليلها وتفكيكها تساعد في وضع العلاج المناسب، ليكون التعامل معها مبنياً على أسس واقعية بعيداً عن النظريات المجردة.

وبرغم أن بعض أسباب الغلو تكون نابعة من الشخص نفسه؛ مثل التكوين النفسي الغالي، والعُجب، والتهور، وقلة العلم، وعدم سؤال أهل العلم، وحب التمرد والمخالفة، إلى غير ذلك؛ إلا إن كثيراً من الأسباب تكون خارجية، ذلك أن ضغط الواقع الأليم الذي تعيشه الأمة قد يولد لدى البعض -لاسيما الشباب- غضباً وسخطاً ويأساً، فيقرر الفرار للغلو وهماً منه أنه الحل لما يراه ويعاني منه.

من الأسباب الخارجية المهمة في دفع بعض الناس للغلو: غياب تحكيم الشريعة في كثير من البلاد، تكالب أمم الشرق والغرب على الأمة الإسلامية ومحاولة إضعافها وسلب خيراتها، والعدوان الهمجي على الشعوب الإسلامية، والجرائم البشعة التي ترتكب بحق الآمنين والشيوخ والنساء والأطفال، في فلسطين وسوريا والعراق وبورما وإفريقيا الوسطى وأفغانستان وغيرها، ومحاربة الدعاة والمصلحين والزج بهم في السجون في بعض البلاد بلا ذنب، والتعذيب الذي قد يتعرض له الشاب في السجن أو يسمع به، والهجمة الشرسة على الدين وثوابته التي يمارسها العلمانيون والليبراليون وغيرهم من المنحرفين دون رادع من الحكومات في الدول المسلمة، والسخرية من المتدينين ومظاهر التدين في الإعلام، والتضييق على الدعاة وتكميم أفواههم ومحاصرة الأنشطة الدعوية، وانتشار الفساد والانحراف عن الدين في المجتمع دون نكير، واستغلال الأعداء لكل ما سبق وتوظيف الشباب بطرق ملتوية في مشروع الغلو بحيث يصبحون مطية للعدو لتحقيق أهدافه.

ولكن، هل وجود هذه الأسباب المفسِّرة لجنوح الغلاة للغلو يعني أنها تصلح مبرراً يعفيهم من تبعات اختيارهم لهذا الطريق المنحرف، أو سبباً للتسامح معهم، فضلاً عن التعاطف معهم ومحاولة التماس الأعذار؟

قد يكون الجواب بالنفي مُسَلَّمَة من المسلمات عند كثيرين، لكننا للأسف نجد أن الأمر ليس كذلك عند بعض الناس، وإن كانوا بحمد الله لا يشكلون أغلبية.

إن الدافع لهذا التهاون من هؤلاء، والدافع لهذا الخلط بين التفسير والتبرير دافع عاطفي محض؛ فهم من جهة يرون تلك الأسباب أكبر من أن يحتملها كل أحد، بل إنهم أنفسهم يتألمون منها ويشعرون بالعجز حيالها، فكيف بشاب حدث السن قليل العلم! ومن جهة أخرى يشفقون على هذا الشباب الغِرِّ الذي ضل عن سواء السبيل ويتألمون لحالهم، ما يجعلهم يتعاطفون معهم، ومن جهة ثالثة - ولعل هذا أكبر الدوافع - فإنهم يلمسون من هذا الشباب حرقة حقيقية على الدين والأمة، ويحسنون الظن بهم أنهم ما أرادوا إلا خيراً، كتحكيم الشريعة ونصرة المستضعفين وغيرها من الشعارات التي يرفعونها.

إن الفصل بين التفسير والتبرير وإزالة اللبس والخلط الحاصل في هذه المسألة يمكن أن يكون بأكثر من طريق:

الأول: وهو أعظم طريق وأولاه؛ أن نذكِّر من اختلط عليهم الأمر بهدي النبي صلى الله عليه وسلم في التعامل مع سلف هؤلاء الغلاة الخوارج، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ، فَإِنَّ قَتْلَهُمْ أَجْرٌ لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ»[1]، وقال: «لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ»[2]، قال الحافظ: «أَيْ قَتْلًا لَا يُبْقِي مِنْهُمْ أَحَدًا، إِشَارَةً إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَهَل ترى لَهُم من بَاقِيَة}»[3]، فهذه الدعوة للأمة لقتلهم حيث وُجِدوا، وهذا العزم على الاستئصال، مشعر بأنه صلى الله عليه وسلم لم تأخذه بهم رأفة البتة ولم يلتمس لهم أي عذر، برغم أنه وصفهم قبلها بقوله: «يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ البَرِيَّةِ»[4]، وقال فيهم: «يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلاَتَهُ مَعَ صَلاَتِهِمْ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ»[5].

وقد سار أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على هديه، فهذا علي رضي الله عنه يقتلهم يوم النهروان قتلاً ذريعاً، قال ابن كثير رحمه الله: «وأقبلت الخوارج يقولون: لا حكم إلا لله، الرواح الرواح إلى الجنة، فحملوا على الخيَّالة الذين قدَّمهم عليٌّ، ففرقوهم حتى أخذت طائفة من الخيالة إلى الميمنة، وأخرى إلى الميسرة، فاستقبلهم الرماة بالنبل، فرموا وجوههم، وعطفت عليهم الخيالة من الميمنة والميسرة، ونهض إليهم الرجال بالرماح والسيوف، فأناموا الخوارج فصاروا صرعى تحت سنابك الخيول، وقُتِل أمراؤهم: عبد الله بن وهب، وحرقوص بن زهير، وشريح بن أوفى، وعبد الله بن سخبرة السلمي، قبحهم الله»[6]، «وَقُتِلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَمَا أُصِيبَ مِنَ النَّاسِ [أي جيش علي] يَوْمَئِذٍ إِلَّا رَجُلَانِ»[7].

وليس القصد من هذا الكلام أن يكون التعامل مع كل غالٍ بالقتل - معاذ الله - وإنما القصد أن العاطفة (المطلقة - إضافة الشيخ آل عبد اللطيف) لا مكان لها هنا، فالمسيء الصائل على المسلمين بالقتل والتكفير يلقى جزاءه المستحَق، ولا يشفع له ما يظهر عليه من علامات صلاح ولا حسن قصد إن نهج هذا المنهج الرديء.

الثاني: أن صلاح القصد - إن سلمنا به - لا ينبغي أن يجعلنا نبرر لمن كفَّروا المسلمين بغير حق، واستحلوا دماءهم المعصومة، وأزهقوا الأنفس المحترمة، أو حرضوا على ذلك أو أيدوه أو رضوا به، فالنية الصالحة لا تصلح العمل الفاسد، وقد قال الله عز وجل: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا 103 الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْـحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [الكهف: 103، 104]، قال ابن كثير رحمه الله: «أَيْ: عَمِلُوا أَعْمَالًا بَاطِلَةً عَلَى غَيْرِ شَرِيعَةٍ مَشْرُوعَةٍ مَرْضِيَّةٍ مَقْبُولَةٍ، {وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} أَيْ: يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ، وَأَنَّهُمْ مَقْبُولُونَ مَحْبُوبُونَ. فهِيَ عَامَّةٌ فِي كُلِّ مَنْ عَبَدَ اللَّهَ عَلَى غَيْرِ طَرِيقَةٍ مَرْضِيَّةٍ يَحْسَبُ أَنَّهُ مُصِيبٌ فِيهَا، وَأَنَّ عَمَلَهُ مَقْبُولٌ، وَهُوَ مُخْطِئٌ، وَعَمَلُهُ مَرْدُودٌ»[8]، والخوارج من هؤلاء؛ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَالضَّحَّاكُ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ: هُمُ الْحَرُورِيَّةُ[9].

وفي أثر عبد الله بن مسعود رضي الله عنه المشهور قال له أصحاب الحِلَق الذين أتوا بطريقة مبتدعة في الذكر: «وَاللَّهِ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَا أَرَدْنَا إِلَّا الْخَيْرَ. قَالَ: وَكَمْ مِنْ مُرِيدٍ لِلْخَيْرِ لَنْ يُصِيبَهُ». وهذا هو الشاهد، ثم قال لهم: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَدَّثَنَا أَنَّ قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، وَايْمُ اللَّهِ مَا أَدْرِي لَعَلَّ أَكْثَرَهُمْ مِنْكُمْ، ثُمَّ تَوَلَّى عَنْهُمْ. فَقَالَ عَمْرُو بْنُ سَلَمَةَ: رَأَيْنَا عَامَّةَ أُولَئِكَ الْحِلَقِ يُطَاعِنُونَا يَوْمَ النَّهْرَوَانِ مَعَ الْخَوَارِجِ»[10].

الثالث: أنه لا تلازم (بإطلاق - إضافة الشيخ آل عبد اللطيف) بين صلاح الظاهر والباطن، بل لو قيل إن هؤلاء لو كانت نيتهم خالصة لله عز وجل لما وقعوا في هذا الانحراف الشنيع لكان وجيهاً، فالله عز وجل يقول: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} [محمد: 17]، قال ابن كثير رحمه الله: «أَيْ: وَالَّذِينَ قَصَدُوا الْهِدَايَةَ وَفَّقَهُمُ اللَّهُ لَهَا فَهَدَاهُمْ إِلَيْهَا، وَثَبَّتَهُمْ عَلَيْهَا وَزَادَهُمْ مِنْهَا، {وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} أَيْ: أَلْهَمَهُمْ رُشْدَهُمْ»[11]. ويُستأنس لهذا بأنه لا توجد فرقة ورد فيها من الذم والتحذير من رسول الله صلى الله عليه وسلم كهذه الفرقة، ولا توجد فرقة أمر النبي صلى الله عليه وسلم باستئصالها إلا هم، وهذا يشعر أنهم ليسوا على شيء في الباطن، ولهذا قال فيهم صلى الله عليه وسلم: «لاَ يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ، كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ»[12]، قال الحافظ ابن حجر: «الْمُرَادُ أَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ بِالنُّطْقِ لَا بِالْقَلْبِ»[13].

ومما جاء في هذا المعنى عن التابعين: «أتى رجلٌ من الخوارج الحسنَ البصري فقال له: ما تقول في الخوارج؟ قال: هم أصحاب دنيا. قال: ومن أين قلت، وأحدهم يمشي في الرمح حتى ينكسر فيه ويخرج من أهله وولده؟ قال الحسن: حدِّثْني عن السلطان؛ أيمنعُكَ من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والحج والعمرة؟ قال: لا، قال: فأراه إنما منعكَ الدنيا فقاتلتَه عليها»[14].

الرابع: أننا لو بحثنا فسوف نجد لكل انحراف عن الشرع المطهر - إن للإفراط أو التفريط - أسباباً متعددة؛ فهل سنلتمس لكل المنحرفين الأعذار ونعد تلك الأسباب مبررات يلزم منها التهاون والتسامح مع المنحرفين؟

واقع من اختلط لديهم تفسير الغلو بالتبرير للغلاة يُكَذِّبُ ذلك؛ فإننا لم نسمع لهم تبريراً لبعض الشباب الذين يقع منهم فساد أخلاقي عريض، سواء بشرب المسكِر أو المخدِّر أو المشاركة في الحفلات الماجنة أو الوقوع في الفاحشة والعياذ بالله، بل نجدهم ينتفضون ضد هذه المنكرات ويطالبون الهيئة والجهات الرسمية بالتصدي لها بحزم وقوة، مع أن الأسباب للوقوع في كل ذلك متوفرة؛ من قوة الشباب وفتوته، وضعف الرقابة الأسرية والمجتمعية، ووفرة المال، والقنوات والمواقع المفسدة التي تغسل عقول الشباب صباح مساء، وتبرج بعض الفتيات وسفورهن وتهاونهن، فلماذا الكيل بمكيالين؟

ونقول مثل ذلك في ظاهرة الإلحاد؛ فلا شك أن انجرار قلة من شبابنا للإلحاد له أسبابه الخارجية، مثل انتشار المواقع والقنوات ووسائل التواصل التي تروج للإلحاد، وسهولة وصول الشباب إليها، ومثل الاستهداف الكبير لشبابنا من جهات خارجية تريد أن تصرفه عن دينه، ومثل تهاون بعض الجهات والسماح بدخول الكتب والروايات التي تدعو للإلحاد أو تُزيِّنه وتُجمِّله في معارض الكتاب، ومثل ترك بعض الكتاب المشهورين يهمزون ويلمزون في ثوابت الدين ويشككون في أصوله وفروعه دون رادع، ومثل التسامح مع من يُقبَض عليهم من الملحدين وعدم تطبيق حد الردة فيهم مما يجرئ غيرهم، إلى غيرها من الأسباب.

فنحن لم نسمع لأولئك دعوات للتسامح مع هؤلاء الملحدين، وتقدير الملابسات والظروف، ومراعاة الأسباب التي دعتهم للإلحاد، ولم نسمع منهم خلطاً بين تفسير الظاهرة بوجود هذه الأسباب وبين التبرير للملاحدة، بل إنهم يطالبون بإنزال أقسى العقوبات بمن ثبت وقوعه في الإلحاد، بغض النظر عن أسباب انحرافه. فمرة ثانية، لماذا الكيل بمكيالين؟

إننا لو نظرنا إلى ضرر كل من الظاهرتين على المجتمع والأمة فلن نشك أن ضرر الغلو أعظم بكثير، فإن ضرر الإلحاد غالباً غير مُتَعَدٍّ، ونسبة الملحدين في مجتمعاتنا المسلمة لا تكاد تذكر، ولا يوجد لهم ذلك النشاط الذي يترك آثاره العميقة على المجتمع؛ أما الغلو فلا يكاد يوجد مجتمع من المجتمعات المسلمة اليوم إلا ويعاني من آثاره؛ من تفريق الكلمة، وإثارة العداوات والنزاعات، والتكفير غير المنضبط بضوابط الشرع، واستحلال الأموال والدماء، والقيام بأعمال التفجير والتدمير، وتسليط الأعداء على الأمة التي يزعم الغلاة أنهم ما قاموا إلا لنصرتها والدفاع عنها، وجلب جيوش الكفر إلى بلاد المسلمين وانحسار تطبيق شرع الله فيها، بسبب الافتئات على الأمة وزجها في حروب لا طاقة لها بها، والتضييق على العمل الإسلامي، وتشويه الجهاد، والتسلط على المجاهدين الصادقين، إلى غير ذلك.

فكيف بعد كل هذا تُلتمس الأعذار للغلاة وتُبرر لهم أفعالهم؟!

إننا لا نعني بكلامنا السابق أن يكون التعامل مع الغلاة بطريقة واحدة؛ فالغلو درجات، ولكل درجة منها علاج شرعي وطريقة مناسبة، ولسنا نعني كذلك أن كل من ظهر منه شيء من الغلو يكون غالياً أو خارجياً، بل لا بد من تمحيص وتفصيل لا يناسبه المقام.

ما نعنيه ونريد الوصول إليه أنه لا ينبغي أن تسوقنا العاطفة لتخرجنا عن الحد الشرعي الموضوع للتعامل مع الغلو والغلاة، ولا ينبغي لنا أن نخلط في أقوالنا وأفعالنا بين التفسير والتبرير، فلكل منهما مجاله الذي لا يصح أن يتعدى على الآخر ويختلط به.

أخيراً..

لا بد لنا من كلمة لإخواننا الذين يقع منهم الخلط بين التفسير والتبرير، أنهم بفعلهم هذا يفتحون الباب للشباب للانحراف والاتجاه للغلو من حيث لا يشعرون، فإن الشاب الذي يسمعهم يذمون الغلو ويعترضون على أفعال الغلاة ويجرمونها ثم يسمعهم يبررون هذه الأفعال بذكر الأسباب التي أدت إليها فإن طبيعة الشباب الثائرة والانفعالية ستتأثر بالتبرير ولن تلقي بالاً في كثير من الأحيان للذم والاعتراض، بل سيجدها أعمالاً مبررة لا ينبغي معارضتها بل ينبغي إزالة الأسباب التي أدت إليها، فلعله يتلفت حوله فلا يجد سبيلاً لإزالتها إلا بالانضمام لأصحاب الشعارات الرنانة الذين يتوعدون العالم بالويل والثبور وعظائم الأمور بينما هم يشترون سلاحهم من عدوهم.

ويزداد الطين بلة إن كان أصحاب الخلط بين التفسير والتبرير يُسِرُّون نقد الغلو والغلاة، ويجهرون بالخلط بين التفسير والتبرير، فلا شك أن هذا سيكون بمثابة الدعوة للغلو والانخراط في جماعاته المختلفة، وسيكون لمثل هذا الموقف أسوأ الأثر على الشباب وعلى الدعوة والدعاة، وسيعطي أعداء الدين من المرجفين والمنافقين الفرصة للربط بين الدعاة والغلاة، وتشويه صورة الدعاة واستعداء المجتمع والدولة عليهم، وفي هذا من الضرر والفساد ما لا يخفى.

والله المستعان.

 

--------------

[1] صحيح البخاري (4/ 201) 3611، صحيح مسلم (2/ 746) 1066.

[2] صحيح البخاري (4/ 137) 3344، صحيح مسلم (2/ 741) 1064.

[3] فتح الباري لابن حجر (6/ 377).

[4] صحيح البخاري (4/ 201) 3611.

[5] صحيح البخاري (4/ 200) 3610، صحيح مسلم (2/ 744) 1064.

[6] البداية والنهاية، ط. إحياء التراث (7/ 320).

[7] صحيح مسلم (2/ 748) 1066.

[8] تفسير ابن كثير، ت. سلامة (5/ 202)، بتصرف.

[9] تفسير ابن كثير (5/ 202)، والحرورية هم الخوارج؛ سموا بذلك لاجتماعهم في بلدة قرب الكوفة يقال لها حروراء، ومنها مبدأ خروجهم على علي رضي الله عنه.

[10] سنن الدارمي (1/ 287) 210، قال محققه حسين أسد الداراني: إسناده جيد.

[11] تفسير ابن كثير ت. سلامة (7/ 315).

[12] صحيح البخاري (9/ 16) 6930.

[13] فتح الباري لابن حجر (12/ 288).

[14] البصائر والذخائر 1/156.

 

 

مجلة البيان العدد  345

 

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع