..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

هدنة كيري- لافروف… هدنة للقتل تحت شرعة القانون!!!

أحمد رحال

٢٥ ٢٠١٦ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2514

هدنة كيري- لافروف… هدنة للقتل تحت شرعة القانون!!!
رحال 00.jpg

شـــــارك المادة

عندما فشلت مفاوضات الحل السياسي في “جنيف3“, برز للوجود حاجة الجميع للأدوات العسكرية لترسيخ وجودها وتأكيد ثوابتها ومصالحها, وشكلت تلك الأطراف ضغوطاً متزايدة على طرفي الحل المتمثلين بالدولتين العظميتين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا.

روسيا كانت أول من فعٌلت وصعٌدت بأدواتها العسكرية عبر شن حملة جوية قوية وشرسة وغير مسبوقة, كانت استمراراً لجهودها القتالية والتي تصنف تحت عنوان “تغيير موازين القوى على الأرض”, وخلق واقع جديد ينسف كل مبادئ “جنيف1“ المعتمدة في إطار أي حل للقضية السورية, والتي لا تتوافق مع المساعي الروسية ولا تخدم أجنداتها في المنطقة, وبالتالي وجدنا مئات الغارات الروسية التي أحرقت بلدات وقرى شمال حلب وجبلي الأكراد والتركمان, وتكثفت تلك الهجمات بحيث استطاعت فك الحصار عن بلدتي “نبل والزهراء”, ومن ثم أوكلت المهمة لحليفتها من ميليشيات “سوريا الديموقراطية” لمتابعة تنفيذ المهمة على مقربة من الحدود التركية, ضمن إستراتيجية السيطرة على الحدود, وفصل الداخل السوري وفصائل الثوار عن التواصل مع الجانب التركي, وبشقها الآخر تخدم خيار التقسيم, وتأمين الكانتون الكوردي على الحدود الشمالية السورية, بعد أن تم تأمين حدود سوريا المفيدة “الدويلة العلوية” بمعارك الجبهة الساحلية.

تركيا من جانبها والتي استشعرت بالخطر ليس فقط على خطوطها الحمراء التي طالما ترددت على لسان مسؤوليها بل حتى على أمنها القومي, كون إنشاء وترسيخ كانتون كوردي على الحدود الجنوبية سيضع تركيا ليس في حدود الخطر بل في مركز دائرة الخطر, وبالتالي وجدنا الجيش التركي يبادر لفتح نيران مدفعيته على الميليشيات الكوردية الانفصالية التابعة لزعيميها “صالح مسلم” و”هيثم مناع” رغم نشر روسيا لأسراب من طائراتها المقاتلة في القواعد الجوية الأرمينية كنوع من التهديد, ولتعلن تركيا مواجهة شديدة مع الولايات المتحدة الأمريكية وصلت لحد تخيير واشنطن بتحديد علاقتها ووقوفها إما إلى جانب تركيا أو إلى جانب تلك الميليشيات التي تعتبرها أنقرة الذراع العسكري لحزب العمال الكوردستاني الموضوع على قوائم الإرهاب التركية والغربية.

المملكة العربية السعودية التي شعرت أن إفشال الحل السياسي في سوريا من قبل النظام وحلفائه, والسعي الإيراني إلى العبث بمكونات أساسية من مفردات الأمن القومي العربي, وخطورة توغلها في ثنايا الداخل السوري, بعد أن أفسدت (إيران) وقامت بالكثير من محاولات تخريب الأمن الداخلي لبلدان عربية تحيط بالرياض, بدأت في مملكة البحرين وانتقلت لدولة الكويت ومن ثم امتدت لليمن عبر خلايا وأفراد وعبر الحوثيين, وكانت من قبل قد استولت على العواصم “بغداد” و”بيروت”, واستشعرت المملكة السعودية أن استكمال تلك السياسة الإيرانية وعبر دعم روسي بالسيطرة على دمشق يأتي في نطاق الخطر على أمن العرب بشكل عام وعلى أمن المملكة بشكل خاص, لذلك وجدنا الصوت السعودي يرتفع, ويتشكل على عجل التحالف الإسلامي بقيادة ولي ولي العهد , وتٌعلن مناورات رعد الشمال, ووصل بها الحد للإعلان على لسان وزير خارجيتها الدكتور “عادل الجبير” عن إمكانية تسليم فصائل الجيش الحر المضادات الجوية التي يعلم الجميع أنها قادرة على قلب التوازنات العسكرية وتسريع رحيل نظام الأسد ونسف كل الجهود الروسية لتعويم نظام الأسد مرة أخرى.

دول أوروبا التي حاولت الابتعاد والتظلل بالموقف الأمريكي, وجدت نفسها في قلب المعركة عبر مفرزات المعاركة وانعكاساتها, والتي تمثلت بأمواج مئات آلاف اللاجئين الذين وصلوا عواصمها بحراً وهددوا استقرارها, وبالتالي صدحت أصواتهم مطالبة عبر الصوت الألماني بمنطقة حظر جوي وبمنطقة عازلة عبر الصوت الفرنسي.

أمام تلك الضغوط التي مٌورست وأمام مناظر الدمار وقتل الأطفال والنساء على يد الطائرات الروسية والميليشيات الحليفة للأسد, وأمام تشريد عشرات آلاف السوريين المدنيين (مؤخراً) والذين منعت تركيا عبورهم الحدود وتجمعوا على البوابات التركية, وجدت كلاً من “موسكو” و”واشنطن” أن الأمور بدأت تخرج من عقالها, وأن المنطقة ككل وليس سوريا فقط قابلة لحالة انفلاش وحالة تشظي قد تطيح بأمن واستقرار كل الدول المحيطة, وبالتالي وجدنا تسارعاً وزخماً سياسياً ودبلوماسياً (أمريكياً_روسياً) وتواتر لقاءات غير مسبوق للبحث عن مخرج يمكن أن يهيئ لاستعادة ضبط إيقاع التحركات وإعطاء الضمانات من إمكانية إيجاد الحل.

الهدنة التي تم التسويق لها قد تكون بنظر الراعيين حلاً يحقق سياستهما في المنطقة, لكن من المؤكد أنها لم تلبي ولم تقنع معظم الأطراف باستثناء نظام “الأسد” الذي يعتبر أن أي حل يبقيه ولو مرحلياً في سدة الحكم هو مكسب ومغنم يسعى للوصول إليه لأنه يدرك أنه يعيش في لحظات الوقت الضائع.

الهدنة التي أعلنها الوزير “كيري” وبالتوافق مع “لافروف” وبعيداً عن مفرداتها التي أصبحت معروفة للجميع, استثنت من القصف كلاً من تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وجبهة النصرة وفصائلاً أخرى تصنف إرهابية وفق مقاييس مجلس الأمن, ودون أي ذكر لميليشيات الفاطميون والزينبيون والنجباء وحزب الله وفيلق القدس وكل المرتزقة التي استقدمتها إيران والمصنف معظمها على قوائم الإرهاب الدولية.

الهدنة الخالية من أي مخالب يمكن أن تعطيها قوة الاستمرار والصمود أيضاً لم تتمكن من تحديد آليات التنفيذ أو آليات الرقابة والفصل ولم تتواجد فيها آليات الزجر والعقوبة بحق ناقضي بنودها, وبالتالي وجدنا عودة الأصوات الغربية قبل المعارضة لتشكك بإمكانية صمود وترسيخ تلك الهدنة, فالمعارضة طالبت عبر هيئتها التفاوضية بالبدء بتنفيذ مقررات مجلس الأمن المتوافق عليها كدليل صدق على التنفيذ وأهمها إطلاق سراح المعتقلين وفك الحصار عن المناطق المحاصرة وتأمين طرق آمنة للمساعدات الإنسانية للمدنيين, مع التأكيد على ضرورة الالتزام الروسي قبل النظام بوقف كل أشكال القصف المدفعي والثقيل والطيران على كامل مناطق تواجد المدنيين وفصائل الثورة السورية, وعلى أن تبدأ تلك الهدنة بعد تشكيل هيئة الحكم الانتقالي كما نص عليه بنود القرار 2254 في بنده الرابع.

الهيئة التفاوضية حذرت من اتخاذ ذريعة قصف جبهة النصرة من قبل روسيا في الواردة في مضامين بنود الهدنة لإعادة التعرض لكل فصائل الثورة, باعتبار أن فصائل جبهة النصرة متغلغلة بكل الجبهات, وبالتالي العودة لنفس السيناريو الروسي منذ التدخل في سوريا وعودة القصف الروسي ولكن تحت مظلة شرعية دولية, وبقرار من مجلس الأمن والوقوع بالمحظور والفخ الذي نصبه مشرع تلك الهدنة الدولية.

حتى الآن الجميع يدٌعي القبول والموافقة المبدئية كما قالت المعارضة السورية التي شعرت بالإهانة بعد أن أعلن الوزير “كيري” عن اتفاق الهدنة قبل اجتماع الهيئة التفاوضية لاتخاذها قرار القبول أو الرفض وكأن موافقتها تحصيل حاصل لا لزوم له, لكن من الواضح أن كل حلفاء النظام تعد العدة لطرق الالتفاف على بنود تلك الهدنة, النظام من المؤكد أنه أكبر الخاسرين بأي وقف لإطلاق النار ويستشعر بالخطر لأن أياً من تلك الحلول سيشكل بداية النهاية لاستمرار وجوده ولكن لا خيارات متاحة له.

روسيا تجد ببنود الهدنة استمراراً لجرائمها وقتلها إنما بشرعة وتحت سقف الضوء الأخضر للقانون الدولي وتبادل الخرائط مع واشنطن وعزل جبهة النصرة تعتبرها انتصاراً يحسب لها.

فصائل المعارضة تشعر بأن الهدنة هي فخ دولي سيكشف مواقعها ويفكك مفاصلها ويضعف تواجدها ولا تملك البدائل, لأن الوقوف في وجه المجتمع الدولي وحيدة إلا من دعم بعض الأوفياء ليس خياراً صائباً.

يقولون الضغط يولد الانفجار … وانفجار السوريين لا شك قادم … فهل يتدارك أصحاب القرار بمدى الأخطاء القاتلة التي تضمنها قرار الهدنة ووقف إطلاق النار, أم أن سياسة طمر رأس النعامة بالتراب تبقى هي سياسة من لا سياسة له في معظم عواصم الغرب؟؟؟؟

ننتظر … لكن هذا الانتظار يمضي على دماء وأرواح السوريين …

 

 

كلنا شركاء

 

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع