..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

السلطة المطلقة مفسدة مطلقة

أسامة الخراط

٢٦ ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 11724

السلطة المطلقة مفسدة مطلقة
الخراط00.jpg

شـــــارك المادة

يستغرب بعض الناس وصول بعض الحكام الفجرة إلى مرحلة الغرور والتكبر، فيعتقد هو وعدد من أتباعه أنهم يملكون كل شيء، ويتصرفون في كل شيء، وأنه لا يمكن لإنسان أن يقف في وجههم ليردعهم عن ظلمهم، وترى هذا واضحاً في كلامهم وتصرفاتهم، فتراهم يجبرون معارضيهم على قول لا إله إلا فلان، أو يأمرونهم بالسجود لصورة فلان، أو ترديد عبارات التأييد، مع أنهم يعرفون أن هذا الشخص مجبر وتحت تهديد السلاح وسيستجيب وهو غير صادق في ذلك، فما هو السر إذا وراء هذا التصرف من قبل هذا الحاكم وأتباعه؟؟؟
إنها يا سادتي مفاسد السلطة المطلقة لهؤلاء الحكام، فبعد سنوات طويلة من الحكم الظالم والغير شرعي، تتحول السلطة المطلقة إلى مفسدة مطلقة، لأنهم يعتقدون أن كل شيء في بلدهم قد دان لهم بالولاء، وأنهم قادرون في سبيل الحفاظ على مصالحهم الشخصية، على استباحة كل محرم، وقتل أي نفس، وتعذيب أي بريء وهم آمنون من الحساب، فمن هو القادر على محاسبة الحاكم وأتباعه؟؟
وكما هو في المثل الشهير "كلب الأمير أمير" ومع طول المدة، يصل داء الاستبداد والغرور إلى أصغر زبانية الحاكم، فترى أصغر منسوب لهذا الحاكم يرتكب ما يريد من الموبقات بدون محاسبة، وفي بعض الدكتاتوريات وصل الأمر إلى إقرار قانون يحمي زبانية الحكام وجلاديه ومن ارتكب منهم جريمة من أي محاسبة (إلا بإذن مديره فقط)، وبهذا سيتحول هذا التابع إلى مجرم بترخيص رسمي، وهذه نتيجة لا مفر منها غالباً، فمن يملك كل هذه السلطة المطلقة، ستتحول بالضرورة إلى مفسدة مطلقة.
إن الله تعالى وحده هو صاحب السلطة المطلقة، وكل حاكم يَنسب لنفسه أو لأعوانه هذه السلطة يكون قد حكم على نفسه بالفناء، وهذا فرعون قد تكبر وتجبر وقال: "أنا ربكم الأعلى" وقال: "أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون" ولكنه أخيراً غرق في بحر ذله، ومثله فرعون مصر الحديث، وأخيراً رأينا مصير ملك ملوك أفريقيا، فقبل شهور كان يقول أنا الملايين تحبني وتفديني، أنا ملك الملوك والقائد الخالد، وما هي إلا أيام والعالم كله رأى مصير هذا الملك... كيف قصمه الملك سبحانه... وأذله إلى يوم الدين.

يا أيها العقلاء إن السلطة المطلقة مفسدة مطلقة ولا حل إلا بإرساء قواعد المحاسبة، فلا أحد فوق القانون، ولا يجوز السكوت عن مجرم قتل أو عذب أو آذى أي بريء، فيجب أن يحاكم ويقتص منه، وبغير هذا سنستمر بحلقة مفرغة من الظلم والقهر، أما على الصعيد السياسي فالحل هو إقرار مبدأ المحاسبة لأي صاحب منصب، مع التبادل السلمي للسلطة، فلا يمكن أن يستمر إنسان في منصبه التنفيذي مدى الحياة، لأنه وحسب التجارب الحالية ستنقلب سلطته إلى سلطة فاسدة، وسيصيبه الترهل والتكبر والتجبر.
وأخيراً يجب أن يبقى الله وشرعه الذي يحكم بالعدل لكل البشر مؤمنهم وكافرهم أبيضهم وأسودهم، هو الحاكم المطلق والسلطة المطلقة والمرجع الأول والأخير...

والله أكبر ولا إله إلا الله.
 

 

صفحة الكاتب على فيسبوك

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع