..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

لعبة "مصير الأسد": لماذا أرسلت روسيا قواتها إلى اللاذقية وليس طرطوس؟

مجلة العصر

٢٦ ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 4195

لعبة
1.jpg

شـــــارك المادة

لا يزال مغزى إرسال روسيا لقواتها إلى اللاذقية يثير التساؤلات، خاصة اختيار الروس لمدينة اللاذقية بدلا من طرطوس، وهو سؤال حاول الباحث الفرنسي بجامعة ليون الإجابة عنه بمقالة له نشرها موقع معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى.

وتساءل لماذا يتم إرسال هذه القوات إلى اللاذقية وليس طرطوس، حيث تقع القاعدة العسكرية؟

 

ويرى "بالانش" أن السبب هو ضعف النظام السوري في المنطقة، حيث لم يعد أبناء الطائفة العلوية فيها الغالبية. فقبل عام 2011، كان عدد سكان اللاذقية 400 ألف نسمة، منهم 50% علويون و40% سنة و10% مسيحيون.

وتقليديا كانت المدينة تعتبر سنية قبل الانتداب الفرنسي عام 1920، حيث جاء العلويون إليها، ولا يزال ينظر إليهم كأجانب. لكنهم أصبحوا بحلول الثمانينيات من القرن الماضي الغالبية بسبب سياسات الرئيس السابق حافظ الأسد المعروفة بـ"العلونة".

ولا يشكل السنة الغالبية في المدينة بل في الريف، فبحسب تعداد عام 2004 يبلغ عدد السنة حوالي 80.000 من مجموع السكان البالغ عددهم 180.000 نسمة.

ويقدم "بالانش" صورة عن التركيبة السكانية للمنطقة التي تضم تركمانا بعضهم انضم للثورة وآخر التزم الحياد.

ومنذ عام 2012 تحول جبل الأكراد إلى قاعدة للمعارضة، وكان الجبل تاريخيا يقطنه الأكراد لكن سكانه اليوم من العرب.

وبسبب استمرار عمليات النزوح الداخلي من مناطق إدلب وحلب، فقد وصل 200.000 نازح داخلي إضافة إلى 100.000 نازحا جاءوا من محافظة اللاذقية، وهو ما أدى إلى زيادة السكان السنة في محافظة اللاذقية.

ويشير الكاتب إلى التطورات العسكرية التي حدثت في المنطقة منذ ربيع عام 2012 وسيطرة المعارضة على جبل الأكراد والمنطقة القريبة من الحدود التركية وبلدة كسب التي يسكن غالبيتها الأرمن.

وفي العام الماضي تعرضت البلدة لهجوم قام فيه المقاتلون بتدمير الرادار الروسي، وهو ما دفع النظام السوري لإنشاء "لواء درع الساحل" المكون من شبان علويين كلفوا بحماية الساحل ضد تقدم المقاتلين وفي إطار جهود النظام لحماية "علويستان".

وعلى العموم، فتقدم المقاتلين في سهل الغاب هدد باقتراب المعركة نحو اللاذقية. ولا يستبعد الكاتب إمكانية حدوث انتفاضة داخل اللاذقية، خاصة في الضاحية السنية "الرمل الفلسطيني"، التي يحاصرها الجيش السوري منذ أغسطس 2011.

ويعتقد "بالانش" أن وصول المقاتلين إلى الساحل يظل رمزيا من الناحية العسكرية، خاصة إن تمت السيطرة على ميناء بحري. وهو يرى أن الوصول إلى اللاذقية أسهل من طرطوس نظرا للغالبية العلوية فيها 80% مقابل 10% سنة و10% مسيحيين.

وفي الوقت الذي يعتبر فيه النظام وحلفاؤه من "حزب الله" وإيران تأمين المناطق بين حمص وطرطوس والحدود اللبنانية والعاصمة دمشق أمرا حيويا، فاللاذقية لا تحظى بالأهمية ذاتها.

ومن هنا تركز روسيا على حماية الشاطئ السوري، حيث القاعدة العسكرية في طرطوس، وتسعى لإعادة بناء قاعدة الغواصات السوفييتية السابقة في جبلة التي تبعد حوالي 32 كيلو مترا عن اللاذقية.

وكذا تحاول روسيا تعزيز مواقعها على طول الحدود الجنوبية التركية لحرمان المقاتلين السنة من أي منفذ على البحر.

ورغم كل هذا لا يستبعد الكاتب وصول الحرب إلى اللاذقية، خاصة بعد سقوط إدلب وجسر الشغور في ربيع العام الحالي. ولأن الروس يعيشون في اللاذقية فهم يفهمون كما يقول المسألة الطائفية وعليه يعتبر تدفق الجيش الروسي لها ضروريا لحمايتها في ظل ضعف الجيش السوري.

وبعد سقوط جسر الشغور في أبريل 2015، استولى الخوف على السكان العلويين، وفر بعض العائلات إلى جبل الأنصارية، الذي يُعتبر أكثر أماناً من اللاذقية، والذي يصعب تقويم ولاء اللاجئين فيه للحكومة. وسيكون من الصعب إخراج المقاتلين من اللاذقية حالة استولوا عليها وهو ما سيعرقل كل الخطط الروسية، ويذكر بما حصل في جمهورية أبخازيا التي قدمت روسيا لها حماية أدت لاستقلالها بشكل كامل عن جمهورية جورجيا.

وهذا يتساوق مع تفكير روسيا لتشكيل دويلات صغيرة على حدودها تتحول إلى قواعد عسكرية. وقيام دولة علوية على الساحل هو خيار جيد للأسد بسبب ضعف جيشه ونظرا لتبعية هذه الدولة لروسيا التي ستوفر لها الحماية الكاملة.

* روسيا تلعب بورقة "مصير الأسد":

ترى مجلة "إيكونوميست" في عددها الأخير أن المعضلة الكبرى أمام أي حل هو مصير النظام السوري، فلا أمل لحل طالما ظل بشار الأسد في دمشق. ومن هنا تحذر من إغراء الفكرة التي تقدمت بها روسيا والداعية للتعاون مع نظام الأسد لمواجهة "تنظيم الدولة"، فالفكرة كما تقول تعتبر "لا أخلاقية" وهي خطأ فاضح.

لأن معظم الذين قتلوا من المدنيين ماتوا بسبب النظام ومعظم الباحثين عن حياة جديدة في أوروبا فروا بسبب استمرار البراميل المتفجرة التي يرميها طيران النظام على مناطق المعارضة.

وتعتقد المجلة أن دخول روسيا على خط المواجهة في سوريا جاء بسبب تراجع قدرات النظام وخسائره المتواصلة. ولهذا السبب سارعت موسكو لإرسال معدات عسكرية ومقاتلات وعربات مصفحة.

وتضيف أن دعم الأسد أو تقبل فكرة نجاة نظامه لن تؤدي إلا على دفع أعداد كبيرة من السوريين السنة إلى أحضان الجهاديين: "وإذا كان "تنظيم الدولة" هو الوجه الأكثر بشاعة لشعور السنة بالحرمان فإن الأسد هو أسوأ تجسيد لكابوسهم".

وعليه، فالحل في نظر المجلة هو حل دبلوماسي يتخلى فيه الأسد الحكم لحكومة فيدرالية موسعة الآن أو في مرحلة معينة كأحسن طريقة لنقل السلطة. وتدخل الروس قد يدفع باتجاه تحقيق هذا الحل، مع أن الوجود الروسي قد يزيد الأسد جرأة ويدفعه للقتال في حرب ليس باستطاعته ربحها ولكنها ستؤدي إلى تدمير بلاده والمنطقة.

وتعتقد أن أحسن طريقة لتأمين حل دبلوماسي هي زيادة الضغوط على الأسد من خلال الحدَ من براميله وتوفير الحماية للسكان. وعلى الغرب وحلفائه القيام والحالة هذه بإنشاء مناطق آمنة وفرض منطقة حظر جوي تمنع الأسد من رمي البراميل المتفجرة ودعم قوة سنية معتدلة تكون بديلا عن النظام العلوي القاتل والجهاديين السفاحين.

وإذا كان "تنظيم الدولة" الوجه الأكثر بشاعة لشعور السنة بالحرمان، فإن الأسد هو أسوأ تجسيد لكابوسهم".

وإزاء هذا، فالتدخل الروسي في سوريا يمكن اعتباره تغييرا لملامح اللعبة هناك أو قد يزيد من اشتعال الحرب وتصعيدها.

ومن دون ضغوط على الأسد، فالحملة قد تفيده على عدد من الجبهات القتالية، في سهل الغاب ولحماية الممرات القليلة المتوفرة لديه وتربطه مع حلب ووسط سوريا.

وقد يكون التدخل الروسي حاسما في بعض الجوانب، ولكنه لن يساعد الأسد على استعادة ما خسره خلال السنوات الماضية، فالأسد لم يعد اللاعب الرئيس في سوريا، بل هو جزء من عدد من اللاعبين وهم "الأكراد" و"تنظيم الدولة" وجبهة النصرة "القاعدة" وأحرار الشام والمعارضة غير الجهادية. لكنه، وعلى خلاف الأطراف هذه، يسيطر على مناطق ذات كثافة سكانية عالية.

ويمكن أن يخدم التدخل الروسي في حماية النظام من الانهيار، خاصة وأن مطلب حماية ما تبقى من مؤسسات الدولة الذي تتبناه روسيا يلقى دعما من دول غربية مثل ألمانيا وفرنسا وتتقبل هذه فكرة بقاء الأسد لمرحلة معينة أثناء المفاوضات لتسوية سياسية.

ومع ذلك، فإصرار روسيا على عدم طرح مستقبل الأسد كشرط للتفاوض كان وراء المواقف الدولية وعرض إسرائيل التعاون مع روسيا في أثناء الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على رأس وفد عسكري وأمني كبير.

وبعيدا عن الأهداف التي ترغب روسيا بتحقيقها من خلال مغامرتها في سوريا، إن بدفع الغرب لتقبلها كشريك يعتمد عليه في الحرب ضد "داعش"» أو إجبار الغرب على نسيان ملف أوكرانيا وضم القرم إلا أن بوتين يمكن أن يلعب دورا إيجابيا من خلال الضغط على الأسد لا تعزيز قوته.

 

 

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع