..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

الشرع والسياسة

فايز الصلاح

١٥ ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2793

الشرع والسياسة
الصلاح 00.jpg

شـــــارك المادة

لم يكن الانفصام النكد بين الشرع والسياسة وليد هذا العصر بل كانت بداياته منذ أزمنة مديدة، بل بذوره كانت من أيام الخلافة العباسية بسبب تقصير حملة الشريعة في إيجاد حلول شرعية للنوازل المستجدة مما أدى بالساسة للحكم بالرأي المخالف للكتاب والسنة، فكانت السياسة غير الشرعية.

وقد بين هذه الحقيقة ابن تيمية في كلام نفيس، قال- رحمه الله-في ((مجموع الفتاوى)) (20 / 392 - 393):" ثبت في الصحيح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:" إن بني إسرائيل كانت تسوسهم الأنبياء، كلما مات نبي قام نبي، وأنه لا نبي بعدي، وسيكون خلفاء يكثرون". قالوا: فما تأمرنا؟ قال: "أوفوا بيعة الأول فالأول، وأعطوهم حقهم؛ فإن الله سائلهم عما استرعاهم"

فلما صارت الخلافة في ولد العباس واحتاجوا إلى سياسة الناس وتقلد لهم القضاء من تقلده من فقهاء العراق، ولم يكن ما معهم من العلم كافياً في السياسة العادلة: احتاجوا حينئذٍ إلى وضع ولاية المظالم، وجعلوا ولاية حرب غير ولاية شرع، وتعاظم الأمر في كثير من أمصار المسلمين؛ حتى صار يُقال: الشرع والسياسة، وهذا يدعو خصمه إلى الشرع وهذا يدعو إلى السياسة، سوغ حاكماً أن يحكم بالشرع والآخر بالسياسة.
والسبب في ذلك أن الذين انتسبوا إلى الشرع قصروا في معرفة السنة، فصارت أمور كثيرة: إذا حكموا ضيعوا الحقوق وعطلوا الحدود؛ حتى تُسفك الدماء، وتؤخذ الأموال، وتُستباح المحرمات، والذين انتسبوا إلى السياسة صاروا يسوسون بنوع من الرأي من غير اعتصام بالكتاب والسنة، وخيرهم الذي يحكم بلا هوى وتحرى العدل، وكثير منهم يحكمون بالهوى ويحابون القوي ومن يرشوهم ونحو ذلك.

وكذلك كانت الأمصار التي ظهر فيها مذهب أهل المدينة يكون فيها من الحكم بالعدل ما ليس في غيرها من جعل صاحب الحرب متبعاً لصاحب الكتاب ما لا يكون في الأمصار التي ظهر فيها مذهب أهل العراق ومن اتبعهم، حيث يكون في هذه والي الحرب غير متبع لصاحب العلم، وقد قال الله تعالى في كتابه: {لَقَدْ أرْسَلْنا رُسُلَنا بِالبَيِّناتِ وَأنْزَلْنا مَعَهُمْ ... } الآية؛ فقوام الدين بكتاب يهدي وسيف ينصر: {وَكَفَى بِرَبِّك هادِياً وَنَصيراً}.
ودين الإسلام أن يكون السيف تابعاً للكتاب، فإذا ظهر العلم بالكتاب والسنة وكان السيف تابعاً لذلك كان أمر الإسلام قائماً، وأهل المدينة أولى الأمصار بمثل ذلك، أما على عهد الخلفاء الراشدين؛ فكان الأمر كذلك، وأما بعدهم؛ فهم في ذلك أرجح من غيرهم، وأما إذا كان العلم بالكتاب فيه تقصير وكان السيف تارة يوافق الكتاب وتارة يخالفه؛ كان دين من هو كذلك بحسب ذلك". 

 

 

صفحة الكاتب على فيسبوك

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع