..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

الكيف.. وطينة الخَبال...!

حمزة آل فتحي

٣ ٢٠١٤ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 7823

الكيف.. وطينة الخَبال...!
الخبال 0.jpeg

شـــــارك المادة

شعر بالضيق، وخالطته الكآبة، فانطلق على أدراجه، كالمغمى عليه، يلتمس ثغرات الأمل، ويكفكف بيارق السعادة، فذهب يقلّب الشاشات بحثاً عن المتعة، فرأى كيف الممثلون، يحتسون أكواس الخمرة، متمظهرين بحسن سعادتهم، وانشراحهم غير المحدود! وأنهم بلغوا المعالي، أو نالوا رؤوس المنائر!

واعجباً! اتصل العالم، واشتد الفساد، وتعولمت الدنيا، و(تأمركت) السياحة، فصرت لا تنزل بلداً أو فندقاً، إلا تراءت لك تلك القوارير السوداء، أو المزركشة (بالألوان)، لعلها تستهويك، فتظنّها عصيراً مباحا!
جلّ فنادق الدنيا تبيع الخمور إلا هذه البلاد حماها الله.
وتسمع عن تساهل شبابي في عوالم السياحة والمرح، وأنها جزء من المتعة الضرورية، أو الكيف الجميل، أو الجرعات الروحية، ليطول الاستمتاع، وتطيب الرحلة والسمرة!
كما قال أبو نواس:
دع ذا عدمتك واشربها معتّقةً *** صفراء تفصل بين الروح والجسدِ !
وهو وإن قصد اللذاذة لكنها باب الحسرة والندامة والإدمان! كما قال الأعشى، وهو من حذّاقها في الجاهلية:
وَكَأسٍ شَرِبتُ عَلى لَذَّةٍ *** وَأُخرى تَداوَيتُ مِنها بِها
لِكَي يَعلَمَ الناسُ أَنّي امرُؤٌ *** أَتَيتُ المَعيشَةَ مِن بابِها!!

فمتعتها تصيّر عشيقها مدمناً، لا يسلو بسواها.
لذا فهي خروج الروح إلى عالم كارثي وبائي أليم، ليس من السعادة والمتعة في شيء.
إعلاميون يُحاكون قرناءهم من الغرب، وشعراء، يظنّون أنه مفتاح الإبداع، ومثقفون يعتقدون أنها حرية شخصية !
ولاعبون جمعتهم جلسة أنس بآخرين فجاملوهم ! وسيّاح يعتقدون أنها طبائع سياحية! لا نعمم ولكن ذلك  شيء مما ينقل.
مالذي حل بنا ؟!
وهل تناسينا قطعيّات شريعتنا؟!
وأنّ الخمر محرّمة بنصّ الكتاب والسنّة وإجماع المسلمين!
أمرٌ يثير الذهول!
وقضية توحي بالهزيمة ومحاكاة الفسّاق، ومن تشبّه بقومٍ فهو منهم.
النص صريح ((إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون)) سورة المائدة.
ونفى تعالى الفلاح والفوز لمتعاطيها، ولعنه مع تسعة آخرين، شاركوا في جريرة تصنيعها وترويجها!
وجعل جزاءه حرمانه في الآخرة منها، وسقيه من (طينة الخبال)، كما في صحيح مسلم، عن جابر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إنّ على الله عهداً لمن شرب المسكر، أن يسقيه من طينة الخبال، قيل وما طينة الخَبال؟ قال: عرَق أهل النار أو قال عُصارة أهل النار)).!!
أي المستقذر الخارج منهم، والخبال أصلاً يُطلق على العناء والسم والشقاء والنقصان، وهي أمور موروثة من كل المسكرات، فمن خبال في الدنيا ونكد، إلى خبال الحُطمة ورهقها ومقتها.
وتأمّلوا نتائج متعاطيها؛ كيف انتهى حالهم، وإلى أي حدٍّ كان مآلهم؟!
خرابٌ صحي على أسريّ على سلوكيّ، ويضاف إليها (أكوام) من الشقاء والعنت وتبديد السعادة، التي كانوا يلهثون بحثاً عنها، ولكن في طريق ضالٍّ غيرِ سوي.
ونتيجةُ الكيف السقيم خبالةٌ في الدنيا والأخرى بلا نقصانِ!!
يتناول طينةَ الخبال، والسعير (ملتف) به من كل مكان، وحِمم النيران تغشاه بلا هوادة، فأية حالة تلك، وأي شقاء وبؤس انتهى إليه شارب الخمرة، (معاقر) المخدرات؟!
الذين زُيِّن لهم سوءُ أعمالهم، فاعتقدوا حسنها ولطافتها، تقليداً للغرب، وتماشياً مع الفساق، وإصغاءً لوسائل الإعلام، وتراخياً للهوى، ونسياناً للشرع!
أقول ذلك وقد تورّط فيها بعض شبابنا، بسبب (السياحة) أو السفر بلا حاجة، أو ابتعاث منفلت، أو مال زاخر! فيجر إلى مراتع تلك الأماكن، فيساكنها حتى تنتهي به إلى ما لا يُحمَد عقباه، والله المستعان.
وددت إذا لم يتعظوا شرعاً وعقلاً، أن يتأملوها على المستوى الاجتماعي والصحي والنفسي، وما تورثه من (سقوط) الشخصية، ونبذ الناس للمسكر الخمّار، وكونها طريقاً لأسقام فتّاكة كالتليّف الكبدي، وإضعاف الأعصاب والارتعاش، وبعض أنواع السرطانات، وهدم الجهاز المناعي للجسم، كما يقول الأطباء، فضلاً عن فقدان السعادة والراحة النفسية، والتعلّق بها، إلى أن يصاب صاحبها بالإدمان، فيقع في (البئر) الكبيرة المهجورة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وسمّتها العرب الإثم، يقول أحدهم:
شربت الإثم حتى ضل عقلي  *** كذاك الإثم تفعل بالعقولِ!
وقد سُمِّيت (بأم الخبائث) كما في بعض الأخبار، وما ذاك إلا لكونها مفتاح كل بلية، ونافذة لكل رزية.
فحذار فحذار من الاغترار بالطرح الفضائي العبثي، وتسلّط رجالات المال والفسق، والمروجين للسياحة والتبسط على حساب الدين والخلق، فهم كما جلّتهم الآية القرآنية ((ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً)) سورة النساء.
ثم إنّ الجو السياحي والفضائي، مشحونٌ بمفاتن النساء، وتبرّج الغيد، وتدلّي الجواري، بحيث لا تكتمل إلا بحضور الشراب، وأصوات المعازف والقيان، فتحلو الأسمار، وتغري الشباب، لا سيما وهي تبثّ من سنوات طويلة بهذا الشكل، من حين ظهور الأطباق الفضائية، وقبلها كانت من خلال ترويج أشرطة الفيديو، التي كانت تُتبادل سرّاً، إلى أن تفشّت، فجاء الدش، واكتشف النت، فعمّ الفساد والفجور براً وبحراً، فيا لله كم من طاقاتٍ أُهدرت، وعناصر أُفنيت، وعقول قضت، وأموال ضُيِعت، طلباً لتلكم الأكواس المعتمة، التي يَظَنّ حسنُها، وهي سوءٌ، منتهاه إلى سوءٍ و وبال، والله المستعان.



الإسلام اليوم

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع