..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

يا د. مرسي لا تكن برقوقا آخر

حامد العمري

١٣ ٢٠١٣ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3330

يا د. مرسي لا تكن برقوقا آخر
سوريا00.jpg

شـــــارك المادة

لازلنا نتابع بذهول التغير المريع في السياسة المصرية تجاه القضية السورية, والتي تحولت من دعم كبير للثورة إلى مهادنة للقتلة الصفويين وتطبيع واضح للعلاقات معهم, وهو ما حدا بأمير موسوي, مدير مركز الدراسات الاستراتيجية والعلاقات الدولية في طهران, إلى القول: إن الرئيس مرسي عاد إلى صف دول الممانعة, ويقصد أبطال مسرحية "مقاومة إسرائيل" إيران والنظام السوري وحزب الله.

 


و لئن صحَّ توصيفه هذا، فإن شؤم هذه الخطيئة التاريخية سيظل يلاحق الدكتور مرسي – ونخصه بالذكر لأهمية الدور المصري, ولعظم ما علقه عليه المسلمون من آمال- وجماعة الإخوان إلى يوم القيامة, كيف لا وهم يبيعون دماء إخوانهم و أعراض أخواتهم بثمن بخس, مليارات إيرانية!
ليعلم الدكتور مرسي أن تلك القلوب التي دعت له وتلك الحناجر التي هتفت له ضد مرشح الفلول, هي نفسها التي سوف تدعوا عليه وتترحم على عهد مبارك, الذي كان رغم فساده أكثر غيرة على الأمة العربية وأكثر إدراكًا للخطر الرافضي الفارسي.
إننا نتفهم الظروف التي واجهها الرئيس الدكتور مرسي من تكالب فلولي داخلي و معاداة إحدى الدويلات, ودعمها المالي للثورة المضادة, و لكن هذا لا يبرر بأي حال من الأحوال المتاجرة بدماء المسلمين.
يا دكتور مرسي: إن صلاحك وديانتك على المستوى الشخصي هي أمر فائدته لك وحدك, وإن خطيئة المداهنة للفرس القتلة الصفويين وعميلهم النصيري, سفاح الشام, لهي كبيرة ومقت ستجر البلاء على الأمة بأسرها, وسيسألك الله عنها, وسيسجلك التاريخ في عداد أولئك الذين باعوا قضايا أمتهم بمصالح حزبية ضيقة ووعود صفوية "وما يعدهم الشيطان إلا غرورًا".
يا سيادة الرئيس: نعلم أن هناك تيارًا إيرانيًا ضمن جماعة الإخوان, يقوده المرشد السابق للجماعة مهدي عاكف, ونعلم أن بعض مستشاريك على علاقة وطيدة بالنظام الإيراني, كالدكتور محمد سليم العوا, ولكن يبقى أنك اليوم رئيس لكل المصريين, والذين بلا شك يعارض أكثريتهم الساحقة أي تقارب مع إيران وبشار, أو حتى السكوت عن جرائمهم, تحت أي مبرر.
يا سيادة الرئيس: إن كنت تظن أنك بتخلّيك عن القضية السورية والتقارب مع إيران ستوطد حكمك وحكم جماعة الإخوان فأنت مخطئ.
يا سيادة الرئيس: إن في التاريخ من العبر والعظات ما يمنع العقلاء من تكرار الأخطاء القاتلة وفيه من الدروس ما يجنبهم السقوط في مستنقعات البراجماتية السياسية القذرة, فتأمل حفظك الله في حال من سبقك, وتأمل تحديدًا في سيرة ذلك السلطان, حاكم مصر, والذي طرق في عصره الطاغية تيمورلنك بلاد الشام, وارتكب فيها من الجرائم والفظائع مالم يكن ينقصها سوى كاميرات هواتف "شبّيحة" بشار, وصدق من قال: لكل قوم وارث.
أورد المؤرخ "ابن تغري بردي" في كتابه "النجوم الزاهرة", في وصف غزو الطاغية تيمورلنك لدمشق سنة 803هـ , ما ملخصه أنه وبينما كان تيمور في غاية الاجتهاد في محاصرة دمشق وفي عمل الحيلة في أخذها, كان أمراء دولة المماليك –الذين أتوا للدفاع عنها- في صراعات سياسية وخلافات على السلطة, وكان كل جماعة من أولئك الأمراء تتحين الفرصة للهرب من دمشق والعودة إلى القاهرة لتنصيب من يهوون منهم سلطانًا بدلًا عن السلطان الناصر فرج برقوق, الموجود في قلعة دمشق, والذي كان لوجوده أثر كبير في الربط على قلوب المسلمين المحاصرين ورفع معنوياتهم.
يقول: (فوقع الاختلاف عند ذلك بين الأمراء، وعادوا إلى ما كانوا عليه من التشاحن في الوظائف والإقطاعات والتحكّم فى الدولة، وتركوا أمر تيمور كأنه لم يكن، وأخذوا في الكلام فيما بينهم بسبب من اختفى من الأمراء وغيرهم) * "النجوم الزاهرة".
وبينما كان تيمور يتجهز للرحيل عن دمشق, بسبب ما ووجه به من مقاومة شرسة, وردته الأخبار بما بين الأحزاب الحاكمة من التنافس, يقول: (ثم أشيع بدمشق أن الأمراء الذين اختفوا توجّهوا جميعًا إلى مصر ليسلطنوا الشيخ لاچين الچركسى أحد الأجناد؛ فعظم ذلك على مدبّري المملكة لعدم رأيهم، وكان ذلك عندهم أهمّ من أمر تيمور، واتّفقوا فيما بينهم على أخذ السلطان، والعودة إلى الديار المصرية في الليل, ولم يكن أمر لاچين يستحقّ ذلك، بل كان تمراز نائب الغيبة بمصر يكفي السلطان أمرهم، (وَلكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كانَ مَفْعُولًا*) "النجوم الزاهرة" و هكذا آثر السلطان و جماعته المحافظة على الملك على الحفاظ على أرواح المسلمين, (وتركوا –عليهم من الله ما يستحقونه- العساكر والرعيّة من المسلمين غنمًا بلا راع، وتركوا دمشق أُكْلة لتيمور، وكانت يوم ذاك أحسن مدن الدنيا وأعمرها، فكان نتيجة ذلك احتلال تيمور لها، وحينئذ حلّ بأهل دمشق من البلاء ما لا يوصف، وأجرى عليهم أنواع العذاب من الضّرب والعصر والإحراق بالنار، والتعليق منكوسًا، وغمّ الأنف بخرقة فيها تراب ناعم كلّما تنفّس دخل في أنفه حتى تكاد نفسه تزهق، ومع هذا كلّه تؤخذ نساؤه وبناته وأولاده الذكور، فيشاهد الرجل المعذّب امرأته أو بنته وهى توطأ، وولده وهو يلاط به، وكل ذلك من غير تستّر في النهار بحضرة الملأ من الناس.
ورأى أهل دمشق أنواعًا من العذاب لم يسمع بمثلها؛ منها أنهم كانوا يأخذون الرجل فتشدّ رأسه بحبل ويلويه حتى يغوص في رأسه.
ومنهم من كان يضع الحبل بكتفي الرجل ويلويه بعصاه حتى تنخلع الكتفان، ومنهم من كان يربط إبهام يدي المعذّب من وراء ظهره ثم يلقيه على ظهره ويذرّ في منخريه الرّماد مسحوقًا، فلا يزال يكرّر عليه العذاب حتى يموت، ويعاقب ميّتًا مخافة أن يتماوت.
ومنهم من كان يعلّق المعذّب بإبهام يديه في سقف الدار ويشعل النار تحته، ويطول تعليقه، فربمّا يسقط فيها, واستمرّ هذا البلاء والعذاب بأهل دمشق تسعة عشر يومًا، آخرها يوم الثلاثاء ثامن عشرين شهر رجب من سنة ثلاث وثمانمائة، فهلك في هذه المدّة بدمشق بالعقوبة والجوع خلق لا يعلم عددهم إلّا الله تعالى.
فلما علم أمراء تيمور أنه لم يبق بالمدينة شيء خرجوا إلى تيمور، فسألهم: هل بقى لكم تعلّق فى دمشق؟
فقالوا: لا؛ فأنعم عند ذلك بمدينة دمشق على أتباع الأمراء فدخلوها يوم الأربعاء آخر رجب، ومعهم سيوف مسلولة مشهورة وهم مشاة، فنهبوا ما قدروا عليه من آلات الدّور وغيرها، وسبوا نساء دمشق بأجمعهنّ، وساقوا الأولاد والرجال، وتركوا من الصغار من عمره خمس سنين فما دونها، وساقوا الجميع مربوطين في الحبال ثم طرحوا النار فى المنازل والدّور والمساجد، وكان يومًا عاصف الريح، فعمّ الحريق جميع البلد حتى صار لهيب النار يكاد أن يرتفع إلى السحاب، وعملت النار في البلد ثلاثة أيّام بلياليها آخرها يوم الجمعة.
وكان تيمور- لعنه الله- سار من دمشق في يوم السبت ثالث شهر شعبان بعد ما أقام على دمشق ثمانين يومًا، وقد احترقت كلّها وسقطت سقوف جامع بني أميّة)* "النجوم الزاهرة"
فهل حقق الله لذلك السلطان ما تمنى من دوام الملك ؟ كلا و الله , فما هي إلا سنوات حتى عاقبه الله, وشاء الله أن تكون عقوبته في نفس المكان الذي تخلى فيه عن دماء المسلمين " دمشق" , حيث انتزع منه السلطان, نتيجة انقلاب مسلح قام به بعض حاشيته, و نتج عن ذلك حبسه ثم قتله بطريقة بشعة. 
و الأسوأ من ذلك أنه (سحب برجليه حتى ألقى على مزبلة مرتفعة من الأرض تحت السّماء، وهو عارى البدن، يستر عورته وبعض فخذيه سراويله، وعيناه مفتوحتان، والنّاس تمرّ به ما بين أمير وفقير ومملوك وحر. قد صرف الله قلوبهم عن دفنه ومواراته. وبقيت الغلمان والعبيد والأوباش تعبث بلحيته وبدنه واستمرّ على المزبلة المذكورة طول نهار السبت المذكور، فلما كان الليل من ليلة الأحد حمله بعض أهل دمشق وغسّله وكفّنه. ودفنه , ولم تكن جنازته مشهودة، ولا عرف من تولّى غسله ومواراته.) انتهى, * "النجوم الزاهرة"
و هل كان هذا فقط؟ لا, بل بقي له الذكر القبيح في كتب التاريخ, قال المقريزي في تاريخه في ترجمته لهذا السلطان: (وكان النّاصر أشأم ملوك الإسلام؛ فإنّه خرّب بسوء تدبيره جميع أراضي مصر وبلاد الشّام من حيث يصبّ النّيل إلى مجرى الفرات، وطرق الطاغية تيمور بلاد الشّام في سنة ثلاث وثمانمائة، وخرّب حلب وحماة وبعلبكّ ودمشق، حتى صارت دمشق كومًا ليس بها دار وقتل من أهل الشام مالا يحصى عدده)
فهل يسرك يا سيادة الرئيس الدكتور مرسي أن يكون مصيرك مثل مصيره؟
وهل يسر غيرك من زعماء العرب حلول نقمة الله بمن خذل المسلمين منهم؟
أُعيذك وأُعيذهم بالله من ذلك وأسأل الله أن يردك إلى الحق وأن يصرف عنك مستشاري السوء وعملاء إيران.

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع