..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

ميثاق الحقّ والشرف للمجاهدين والعاملين في الميدان

عبد المجيد البيانوني

٢٧ ٢٠١٣ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 4133

ميثاق الحقّ والشرف للمجاهدين والعاملين في الميدان
21 قادة الثورة السورية.jpg

شـــــارك المادة

الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده، وبعد؛ 
يقول الله تعالى: {وَالعَصْر  إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْر ﭗ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}[سورة العصر] .
تتعرّض ثورةُ الحرّيّة والكرامةِ في سورية منذ قامتلمَخاض عسير على كلّ المستويات ، وتطفو على السطح إيجابيّات كثيرة، كما تطفو السلبيات .. ولأسباب مختلفة، ودوافع متعدّدة.. يضجّ كثير من الناس من بعض السلبيّات التي يرونها.

 

 

فيرفعون أصواتهم بالنقد المرير، والطعن والتجريح، وتوزيع التهم على الناس يمنة ويسرة، فيزيدون بذلك السلبيّات أحمالاً ثقالاً، ويعقّدون المَشهدَ بدلاً عن الإسهام في الإصلاح والترشيد..

ويستغلّ العدوّ ما يجري إلى أبعد الحدود، ويعمل على زيادته وتفاقمه، وتشويه صورة الثورة، والتشكيك بأهدافها، ومن وراءها..
كما يحتجّ ـ وللأسف ـ أولئك المتخاذلون عن نصرة إخوانهم ، فيشيعون تلك السلبيّات ، ويضخّمونها ، ليبرّروا مواقفهم المتثاقلة عن نصرة الحقّ وأهله..
ويجمع أولو العلم بتاريخ ثورات الإصلاح والتغيير على مدى التاريخ أنّ الثورات لا بدّ أن تكتنفها سلبيّات، وممارسات مخطئة، ولا بدّ أن يندسّ في صفوفها أصحاب قلوب مريضة، ودوافع مريبة، ومستغلّون متاجرون..
ولا بدّ لأهل العقل والحكمة فيها أن تكون رعايتهم حكيمة واعية ، ورقابتهم دقيقة ، لترشيد مسار الثورة ، وتصحيح وجهتها ، وكشف المغرضين المفسدين ، وقطع الطريق عليهم .. وإلاّ كتب عليها الإخفاق ، وآل أمرها إلى البوار والاندثار ..
وإنّ كثيراً من المراقبين للثورة السوريّة المنصفين ،والمحلّلين المدقّقين ، ليؤكّدون أنّ ما أفرزته هذه الثورة من سلبيّات أقلّ بكثير من سلبيّات غيرها ، كما أنّه لا يمكن أن يقارن بالإيجابيّات التي حقّقتها حتّى الآن..
إنّها ولا شكّ في مخاض دمويّ عسير، ولن يكون بعده بإذن الله إلاّ الولادة الجديدة.. لإنسان سورية، وأرضها، ونظامها..
وتحقيقاً للنصح والرشد، والتواصي بالحقّ في مسار الثورة واتّجاه أبنائها فإنّي أضع هذا الميثاق، الذي سمّيته: «مِيثاقَ الحَقِّ والشَّرَفِ» بين يدي قادة الكتائب المجاهدين وأفرادهم، وكلّ عامل لنصرة الثورة في أيّ ميدان كان..
وكلّ ما فيه مستمدّ من كتاب الله تعالى، وهو من حقائق الإسلام البدهيّة المسلّمة، وإنّما أردت بذلك النصح والتذكير: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ المُؤْمِنِين}[الذاريات:55] .
1 ـ الاعتصام بحبل الله المتين، والتمسّك بدين الله تعالى، والاستقامة كما أمر، وطاعة اللهِ تعالى وَرَسُولِهُ -صَلّى اللهُ عَليهِ وسَلّمَ- في كلّ شأن، فهو خير العدّة والزاد، وأمضى السلاح، وأقوى العتاد، وهو الأصل الأوّل في حياة الأمّة ، والشرط الأكبر لنصر الله -تعالى- لها: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُون  وَأَطِيعُواْ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِين }[الأنفال:46] .
2 ـ اجتماع القلوب على الله ، وإخلاص العمل لوجههيسبق اجتماع الكلمة وتوحيد الصفوف ، كما يسبق أيّ حوار بين العاملين ..
والقلوب المجتمعة على الله تعالى، ونصرة دينه، والجهاد في سبيله من أهمّ أخلاقها وصفاتها : {أَذِلَّةٍ عَلَى المُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرِينَ}[المائدة:54] ، {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ ..}[الفتح:29].
3  ـ الحرص على جمع الكلمة وتوحيد الصفوف، وإزالة العقبات التي تحول دون توحيد الرؤى والمواقف، التزاماً بقول الله تعالى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ، وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا، وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا، كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُون}[آل عمران:103].
4 ـ الحذر كلّ الحذر من المنافقين مرضى القلوب، الذين يثبّطون الهمم، ويشيعون عن الأبرياء التهم، وينشرونالأكاذيب عن العاملين المخلصين، ويثيرون الخلافات، ويسعون إلى زرع الشكوك، وشقّ الصفوف: {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ ، وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ، كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ ، يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ، هُمُ العَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ، قَاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُون}[المنافقون:4] ..
ولا بدّ من حفظ ألسنتنا، والتثبّت والتحقّق من أيّ كلمة نسمعها، وأن نتحلّى بالوعي والبصيرة، التي تقطع الطريق على المرجفين المفسدين: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِين ﭰ}[الحُجُرات:6].
5 ـ أخوّة الإيمان تحول بين المؤمن وبين العدوان على دم أخيه أو عرضه أو ماله ، أو ترويعه ، أو إهانته، وعلى كلّ مُؤْمِن أن يسعى بالإصلاح بين المُؤْمِنينَ : {إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُون}[الحُجُرات :10] .
6 ـ تفرّق الأمّة واختلاف كلمتها ، أخطر سلاح يقدّم لعدوّها ، وهو نذير عذاب عاجل ، ولا يتنزّل نصر الله تعالى ورحمته على أمّة مختلفة متفرّقة : {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ البَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيم}[آل عمران:105] .
7 ـ التَّعَاوَنُ عَلَى البرِّ وَالتَّقْوَى يعدّ الحدّ الأدنى لتأهّل الأمّة لنصر الله تعالى وتأييده ، وعونه وتمكينه: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى البرِّ وَالتَّقْوَى، وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ، وَاتَّقُواْ اللهَ، إِنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَاب}[المائدة:2] .
8 ـ على المسلم المُجاهِد أن يتَحلّى بالانضباط والطاعة، ولا يتصرّف بأيّ عمل قبل الرجوع إلى قيادته، وعليه أن يعلم أن لا طاعةَ لمخلُوقٍ في مَعصِيةِ الخالِقِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ، فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ، إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ، ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}[النساء:59].
9 ـ على القيادات المسلمة أن تتواصل فيما بينها مباشرة وتتشاور، وتتناصح وتتآزر، وتتبادل المعلومات، وتحرص على وحدة صفّ المجاهدين واجتماع كلمتهم، ولا تترك مجالاً للمغرضين لبثّ الأراجيف، والعبث بالعلاقة الأخويّة بين المُجاهِدين: {إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوص}[الصف:4] .
10 ـ على المسلم المُجاهِد أن يشتغل بما يعنيه ، ويقوّي استعداده ، ويرفع كفاءته المادّيّة والمعنويّة ، ولا يتعرّض لما لا علم ولا خبرة له فيه ، ولا يتجرّأ على الفتوى في الدماء والأموال ، وعليه أن يردّ الأمر كلّه إلى أهله ومسئوليه ، يقول الله تعالى : {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ ،وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ، وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً}[النساء:83] .
هذا ، وأرجو من الإخوة نشطاء الثورة في كلّ ميدان أن يلتزموا بهذا الميثاق، ويتواصوا به، كما أرجو من الإخوة قادة الكتائب أن يأخذوا العهد على منسوبي كتائبهم أن يلتزموا بهذا الميثاق، ولا يخرجوا عنه، والله الموفّق والهادي إلى سواء السّبيل .
{.. رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ، وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا}[الكهف:10]
وصلّى الله وسلّم وبارك على عبده ونبيّه سيّدنا محمّد ، وعلى آله وصحبه أجمعين .
والحمد لله ربّ العالمين .

 

 

رابطة العلماء السوريين

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع