..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

الأزمة السورية أم الأزمة العربية ؟

سلوى الوفائي

٢٧ ٢٠١٣ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 6781

الأزمة السورية أم الأزمة العربية ؟
العربية1.jpg

شـــــارك المادة

أن تقول كلمة حقّ فكأنّك تبحر في يوم عاصف، أنت في هذه الحالة تعانق الرياح، و تصغي بأذنين مرهفتين لجلجلة المركبات الرعدية تجرها خيول عربية (كانت تدعى الأصيلة).

و كم تفتقر إلى الكلمات حين تريد أن ترسم ملامح الأزمة السورية مذ صارت الحقيقة مصنعاً دخانه يعمي البصائر و يحجب عنها رؤية اليقين لولا إشراقة سيف تلألأ في ساح الوغى، سطّر به الأحرار ملحمة نصر بدمائهم الزكية و زادوا ألقاً بما كافحوا و صبروا و صمدوا صمود الأديم الذي يشمخ كالكتف الجبارة التي عليها يتكأ الكون.

 

 

مما يحير اللبيب أنّ العرب، و هم الطرف المعني أكثر من غيره في الأزمة السورية قد دخلوا في سبات شتوي، و أغمضوا عيناً على مظاهر العنف و القتل و الاعتقال و الخطف و الاغتصاب و الدمار و التشريد التي يتعرض لها السوريون منذ قرابة العامين، بل إنّ بعهضم كان له دور في وصول الأزمة السورية إلى عنق الزجاجة، و كما فشلوا في فلسطين و العراق فشلوا في سورية، فكانت القضية السورية لعنة عربية تضاف إلى سجل هزائمهم و انهزاماتهم التاريخية.

و ما يلفت الأنظار أنّ كلّ فيديوهات الثورة السورية التي توثق حالات المصابين و الجرحى والشهداء و الضحايا و المشردين تنادي " وينكم يا عرب؟"

و لم يفهم الإعلاميون القائمون على الثورة السورية إلى اليوم أنّ المنادى نكرة مقصودة مرفوع على الغياب، و في حضرة الغياب ينزف محمود درويش و تنزف معه فلسطين و العراق و سورية و كل أمهات الشهداء.

هل تعني سورية لإيران أكثر مما تعنيه للعرب حتى يصرح علي أكبر ولايتي أنّ أيّ هجوم على سورية يعتبر هجوماً على إيران؟

إذ يعتبر تصريحه بمثابة تهديد استباقي يحدد مسار تطور الأحداث و أيّ مباحثات أمريكية-روسية حول الشأن السوري و في نفس الوقت هو حقنة فيتامينات مقوّية للنظام السوري الأسدي تزيد من صلابته و إجرامه.

و لابدّ من أخذ التهديدات الإيرانية على محمل الجدّ لأنّ الصراع في سورية أصبح مسألة حياة أو موت للعنجهية الفارسية الصفوية المجوسية و إن خسرت إيران معركتها في سورية فقد تسقط و إلى الأبد و يسقط معها فلولها جماعة حزب الله في لبنان.

و قد بات واضحاً أن النواة العلوية الصلبة في المؤسسات الأمنية السورية لا تزال مع الأسد مدعومة من إيران و حزب الله حتى أنّ فورد السفير الأمريكي في سورية قد صرّح مؤخراً أنّ إيران لا تلعب دوراً مفيداً في سورية بل تزوّد النظام السوري بالسلاح و بالخبراء و بمقاتلين من الحرس الثوري الإيراني.

حقائق بات يعرفها العالم و يغضّ الطرف عنها لأنّها ببساطة تخدم مصالح الغرب في الشرق الأوسط و على رأسهم أمريكا.

رغم أنّ أمريكا تدرك أن رحيل الأسد أصبح مسألة وقت و قد صرّح الناطقون باسمها غير مرة أنْ لا بقاء للأسد في سورية الجديدة ما تزال تتخذ موقف المراقب و لا يبدو عليها التأزم و التشنج حيال ما يجري في سورية و لا تبدو في عجلة من أمرها طالما أن الحرب السورية تستنزف خصومها الروس و الإيرانيين دون أن تدفع هي أي ثمن لتحقيق ذلك، و عين البيت الأبيض لم تعد على سورية لأنّها في الواقع انتهت و سقطت من الحسابات الاستراتيجية في الشرق الأوسط لخمسين سنة قادمة بعد ما حلّ بها من دمار و خراب و هدم للبنية الاقتصادية و البشرية، لكن عينها على إيران و هدفها إضعاف إيران و تخليها عن امتلاك السلاح النووي إذا أرادت التفاهم مع الأمريكين.

لكن أمريكا لن تصمت طويلاً و سيصبح تدخّلها واجباً حين تلوح تباشير انتصار الثورة السورية لمنع الإسلاميين المتطرفين من الوصول إلى الحكم و للإبقاء على الدولة الأمنية و جيشها و مؤسستها المخابراتية في سورية إذ أنّ انهيار الدولة الحالية سيكون له تداعياته على اسرائيل المجاورة لسورية و مستقبل وجودها في فلسطين و سوف تتدّخل أمريكا بكلّ ما أوتيت من قوة لبقاء الجيش السوري الأسدي و أجهزته الأمنية التي استشرى فيها السوس و انتشر فيها الجواسيس كما النار في الهشيم و ما جهاد مقدسي الذي حلّ ضيفاً على أمريكا بعد خروجه من سورية بصفة منشق عن النظام، مع وقف التنفيذ، إلا مثالاً على عيون أمريكا المتغلغلة في مفاصل الأجهزة الأمنية السورية كما السرطان.

أوباما و بوتين على موعد في الأيام المقبلة لبحث الملف السوري.

قمة على مستوى الرؤساء ينتظر منها أن تنفرج عن تصريحات هامة حول الشأن السوري.

لخّص جون كيري الذي يستعد لاستلام منصب وزير الخارجية في أمريكا الدور الروسي قائلاً: "إنّ بشار الأسد يعتقد أنّه لا يخسر و المعارضة تعتقد أنّها تكسب و هناك أمل حيال تغير الموقف الروسي لأنّه الطريق الأسهل لتغيير حسابات بشار".

في الصميم تدرك موسكو أنّ بقاء الأسد لم يعد خياراً ممكن أن تراهن عليه طويلاً، لكنّها لا تريد حلّا للأزمة إلا عن طرق المفاوضات معها لثبت أنّها قوة عالمية لا يمكن تجاهلها بعد أن خرجت من اللعبة الليبية مجاناً دون مكاسب كأمريكا و فرنسا و قوى التحالف الغربي، و هي تدرك أن سقوط الأسد دون الترتيب معها يعني خروجها من المشرق نهائياً و أنّ سقوطه ستكون له تداعيات على حليفتها إيران و من ثمّ دول الجوار مما سيؤدي إلى عزلة إيران و روسيا الدولية و هذا ما لا تطيقه روسيا.

وصول الأزمة السورية إلى عنق الزجاجة يعطي أمريكا و روسيا مفتاح الحلّ بعد أن اختار العرب دور المتفرج المتأزم الذي عبّر عنه وزير الخارجية السعودي قائلاً " العرب في مأزق أمام الحالة السورية" هل كان يقصد أنّ الحالة السورية عرّت العرب و فضحت تخاذلهم و انبطاحهم للأجندات الخارجية ؟

شكراّ للأمير سعود الفيصل فقد نطق بلسان حال السوريين !!!

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع