..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

ذات الشوكة والثورة في السورية

يحيى بشير حاج يحيى

١٧ ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3184

ذات الشوكة والثورة في السورية
12 النصر قادم.jpg

شـــــارك المادة

لما خرج الشعب السوري في آذار 2011 ، كان يطالب بالحرية التي هي من أول حقوقه ! و كان خروجه عفويا لم يعد له العدة من قبل ، و إن كانت بوادر الثورة تلوح في الأفق بعد تراكم طويل و ثقيل من ممارسات النظام ، و معاناة الجماهير
و لكن الله سبحانه أراد شيئا آخر ، أراد لهؤلاء المطالبين بالحرية بداية تحول في سورية و ما حولها !
و هي صورة تشبه ما حدث للمسلمين في غزوة بدر ، حين خرجوا لاعتراض القافلة تعويضا لما فقدوه في مكة .

 


إلا أن الله تعالى - كما يقول  صاحب الظلال سيد شهداء العصر:
أراد أن تكون ملحمة لا غنيمة ، و أن تكون موقعة بين الحق و الباطل ؛ فكان اختبار الله لهم غير ما أرادوا و خرجوا لأجله " و يضيف :" فأين ما أرادته العصبة المسلمة لنفسها مما أراده الله لها ؟
لقد كانت تمضي - لو كانت لهم غير ذات الشوكة - قصة غنيمة . قصة قوم أغاروا على قافلة فغنموها ! فأما بدر فقد مضت في التاريخ كله قصة عقيدة ، قصة نصر حاسم و فرقان بين الحق و الباطل ، قصة انتصار الحق على أعدائه المدججين بالسلاح المزودين بكل زاد
أما و قد فرت القافلة فقد قدر الله أن يلقوا الطائفة الأخرى ، و قدر أنها ستكون لهم، كانت ما كانت، كانت العير أو كانت النفير كانت الضعيفة التي لا شوكة لها أم كانت القوية ذات الشوكة و المنعة [ و إذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم ، و تودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ] هذا ما أرادته العصبة المسلمة لأنفسها يومذاك ، أما ما أراده الله لهم ، و بهم ، فكان أمرا آخر [ و يريد الله أن يحق الحق بكلماته و يقطع دابر الكافرين ليحق الحق و يبطل الباطل و لو كره المجرمون]
و هكذا و على الطريق نفسه تمضي الثورة في سورية !
فالحرية على أهميتها كان يمكن أن تنال كما في ثورات الربيع العربي ، و لكن تقدير الله - أراد أن تطول هذه المعركة ، ليحيى من حيّ عن بينة ، و يهلك من هلك عن بينة ، فمتى كانت تلك النفوس التي وقفت مع الطاغية متى كانت ستنكشف ؟ و أين كانت ستتعرى؟
ففي زمن المعركة الذي طال، و على أرض الواقع الذي توضحت فيه الحقائق لكل مبصر، انكشف هؤلاء بدءا من معممين لم يكونوا إلا سلة معلومات ، إلى من يزعمون أنهم نخب تتاجر بالمبادئ و المواقف، إلى عامة لم يكونوا شيئا مذكورا إلى... إلى .. فإذا هم قطعان مفضوحة مكشوفة تندرج جميعها تحت مسمى) الشبيحة) أعمى الله قلوبهم ، فلم ينتفعوا ببصر العينين .
كانت بدر نقطة تحول لا في حياة العرب آنذاك ، بل في حياة البشرية؟!
فماذا لو غنم المسلمون القافلة ، أو ماذا لو سُحقت تلك الفئة المؤمنة تحت سنابك خيول الجاهلية ؟
و لكن الله أراد أمرا آخر فكانت فرقانا بين الحق والباطل !
و ماذا لو أن تلك الانتفاضة حصلت على حريتها بجهد يسير و وقت قصير ، أو لو أنها سُـحقت تحت عجلات دبابات النظام و وحوشه ؟!
و لكنها إرادة الله ، فقد حققت الثورة السورية الكثير و الكثير ، و ستكون إيذانا - بعون الله و توفيقه - لتحول كبير يشمل سورية و المنطقة المحيطة بها و البعيدة عنها
و بمقارنة بين الجهاد في أفغانستان بعد احتلال الروس لها و بين الثورة السورية تستوقفنا ثلاث نتائج كان المفكر محمد قطب قد أشار إليها في كتابه (الجهاد الأفغاني و دلالاته) المطبوع عام 1989 في جدة ، و قبل انهيار المنظومة الشيوعية و دولها المتهالكة .


أولاها : أن الجهاد الأفغاني قد كسر حاجز الرهبة من الوحوش الضارية التي تسمي نفسها (الدول العظمى)
و ثانيها : أنه كان نقطة تحول تاريخية وفق الإرادة الإلهية على يد فتية آمنوا بربهم، و زادهم هدى ، و ربط على قلوبهم ، ليُـظهر - سبحانه - الحق على أيديهم و يجعلهم برهانا لآياته . فكم ضال نزع عن ضلالته ، و متشكك ابتعد و أقصر عن شكه ؟!
وثالثهما : تأثير هذا الجهاد على المسلمين الروس ، و خشية الشيوعية أن تنتقل العدوى إلى باقي المسلمين سواء في الاتحاد السوفييتي آنذاك أم غيره و قد كان !!
و رابعها : أن الأمة غدت هي التي تجاهد ، لا جماعات منعزلة عن جسمها ، أو منفصلة عنها
و قد تحقق بفضل الله للثورة السورية كثير من هذه النتائج :
فلم يعد حاجز الخوف قائما ، و قد كسرته الإرادة الشعبية !!
و ظهر للعيان أن انتصار الثورة في سورية سيكون نقطة تحول تاريخية ! فقد برزت العودة إلى الله من خلال سلوكيات الشعب المُغيّب عن الإسلام و المُـحارَب بعقيدت ، و من خلال الشعارات المرفوعة التي تعتز بدينها و رسولها ، و من خلال الفتية الذين أذهلوا العالم ببطولاتهم و إيمانهم و صبرهم
كما برز حجم خوف الأنظمة القمعية عربيا و عالميا من انتقال عدوى النهوض الشعبي في دولها و قد صرح مسؤول روسي أن نجاح الثورة السورية سيكون مؤثرا في الشيشان و القوقاز.
كما غدا انخراط الأمة في الجهاد و المقاومة مَـعْلما بارزا بعد أن كان محصورا في نخبة ، أراد المجرم الأب حافظ الأسد أن يستدرجها و يجرها بعيدا عن أعين الأحرار و بتغطية من أسياده على جرائمه كما حصل في الثمانينيات في عموم سورية و في حماة بالذات .
فاليوم أصبح الشعب السوري كله إلا زمرا تقاتل مع الجلاد ستنتهي معه بإذن الله ، أصبح هذا الشعب بريفه و مدنه ، و مثقفيه و عامته ، برجاله و نسائه ، بعسكريه و مدنيه منخرطا في جبهة البنيان المرصوص ، لينطلق كل فرد منه ، فيعمل بحسب موقعه ، و وجوههم جميعا متجهة نحو هدف واحد: رضا الله تعالى و إسقاط النظام.

 

المصدر: رابطة أدباء الشام

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع