..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

الثورة وتفاوت شدتها في المناطق السورية

محمد حسن عدلان

٢٤ ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3977

الثورة وتفاوت شدتها في المناطق السورية
الكرامة.jpg

شـــــارك المادة

سقوط النظام بدأ بحماقته في الزمان الخطأ والمكان الخطأ: لو لاحظنا لرأينا أن الثورة بدأت من درعا والسبب معروف، نظام اعتقل أطفالا لأنهم قلدوا الكبار في مصر وتونس، فكتبوا على جدار المدرسة: الشعب يريد إسقاط النظام.

 

والعادة في الدول الأخرى أن يتم تنبيههم أو استدعاء أولياء أمورهم كحد أقصى - وعندما ذهب وفد الأهالي يرجو رئيس الأمن (عاطف نجيب وهو قريب الرئيس) بإطلاق سراح الأطفال، وتعهدوا بتأديبهم وعدم تكرار ذنبهم أو (كفرهم) فأجابهم: انسوهم وابعثوا لي بنسائكم لأجعلهم ينجبون أولادا غيرهم كويسين وفهمانين؟ وطرد الوجهاء بسفالة (هذه هي ثقافة وقيم النظام) إنها إرادة الله جعلته يتصرف بهذه الحماقة في الزمان الخطأ والمكان الخطأ، الزمان زمان الربيع العربي التي هبت فيه رياح الحرية زمن البوعزيزي، زمن عرف به الشعب طريقه واستيقظت الشعوب وتسابقت لتدوس على جلاديها الطغاة، و المكان هو درعا وعشائرها المتعاضدة التي كان النظام قد استقطبها بالمناصب، وبهذه الحادثة تحولت من أشد الناس مناصرة له (بعد طائفته) إلى ألد أعدائه.

وسقطت هيبة النظام على يد من كانوا يعتبرون من حماته ومؤيديه. ولو كانت الشرارة من غير درعا لما نجحت، فلا تماسك كتماسكها ولا حمية كحميتها، ولا تحول من أقص السالب إلى أقصى الموجب كتحولها ولو كانت الشرارة في غير درعا لما امتدت إلى درعا معقل النظام الثاني. لقد ارتكب النظام جرائم من قبل أشد بكثير من حماقته في درعا ومرت عليه بسلام (فلا من يدري ولا من يحزن)، وكلنا يتذكر جريمة العصر حماة وجرائم كثيرة أخرى في حمص والجسر والمعرة وحلب ... التمييز الطائفي سبب تراكمي :ومن درعا امتدت الثورة بسرعة للمدن المحتقنة والتي كانت صامتة خوفا، وهي المدن التي يحيط بها ويذلها جهلة الطائفيون النصيريون (كما توضح في البيضا ومثلها كثير) فثارت مدن الساحل وحمص وحماة وأدلب، وكذلك ريف دمشق بسبب زرع التسلط الطائفي في مستوطنة عش الورور وغيرها، بالإضافة لكثرة تمركز فطعات الجيش الذي يسيطر عليه الطائفيون وما يرافق ذلك من عجرفة وفساد، والحقيقة أن معظم الطائفيين كانوا يعتمدون على الزراعة وقد حضروا للمدن ليعملوا في وظائف الدولة،لأن الوظيفة أصبحت حسب الواسطة لا الجدارة، فاحتكروها، إضافة لمزارعهم وأراضيهم التي زادت بالرشوة، وترك الآخرون للفقر فلا أرض ولا وظيفة، وحتى البائع الجوال سيلاحق من قبل التموين اللصوص ومخابرات الرعب ووو، أما افتتاح محل فلا يكون إلا بالرشاوى للموظفين الطائفيين تقرب من المحاصصة (للتموين والبلدية والصحة والمرور ....) ومن يريد التوظف من المدن عليه أن يدفع رشوة هائلة لهم بمئات الآلاف، إضافة للذل والخوف والاعتقال التعسفي والمراقبة والفساد والتمييز الطائفي العلني حتى شعر الناس أنهم مواطنون من الدرجة الثانية أو العاشرة. لذلك لا يستغرب الحماس الفوري الهائل للثورة لحد الاستشهاد. أما من كان في الداخل ولكن كان وضعه مشابها للمناطق المحتقنة السابقة فهم مناطق النفط: في حقل الرميلان قرب القامشلي، وفي حقل الفرات قرب القورية، حيث تم استبعاد أهل المنطقتين من العمل والوظائف والرزق، وأحضروا أتباع النظام ومعظمهم من الطائفيين ،فكان أهالي المنطقتين من أشد المتحمسين وطليعة المتظاهرين منذ بداية الثورة.
أسباب تأخر الثورة في بعض المناطق: وكل هذا الظلم والفساد والتمييز الطائفي لم ينتشر في حلب والداخل لعم وجود الطائفيين إلا في مناصب الجيش والأمن ومراكز القرار من وراء الستار. لذلك كان الاحتقان أقل وتأخرت الانتفاضة والثورة ولكن من يذهب منهم للجيش كان يدرك الظلم والتفرقة بوضوح. وهناك أسباب أخرى جعلت جذوة الثورة أقل في بعض المناطق كتخطيط النظام المسبق وحسابه لمثل هذه الأيام، فبينما أغفلت الثورة ذلك وتركت حلب مثلا لتاريخها على أنها مضمونة ،فشدد النظام قبضته الأمنية عليها بكثير من حثالة البلطجية وعائلات المافيا. وسبب آخر هو انتشار التجار المحبين للاستقرار بأي ثمن ،وهؤلاء لهم تأثير مميز محبط في حلب ودمشق ،يزيده المشايخ من جماعة حسون في حلب والبوطي في دمشق الذين يحبطون الثورة جهارا نهارا بداعي (أولي الأمر منكم) مع أنه ليس منا أبدا، أو بداعي الزهد والتصوف (وأتباع الصوفية كثر وخاصة في حلب ) ومعروف ما في الصوفية من الحث على البعد عن السياسة وأمور الدنيا، ويتبجح علماء السلاطين هؤلاء بالتحذير من الفتنة كما يدعون، مع أن إحباط الناس عن الالتحاق بالثورة هو فتنة بعدم نصرة الحق، ودعم لبقاء النظام واستمرار ظلمه وقمعه، وكل زيادة في عمر النظام هو زيادة في سفك الدماء معلق برقاب المثبطين. مما سبق نفهم استماتة المغرر بهم من الطائفيين المتنفعين للدفاع عن النظام .ولكن من غير المفهوم أو المبرر دفاع الآخرين عنه، إلا إذا كانوا مرتزقة أو جهلاء غير مطلعين على الحقيقة الكاملة والآن ألا يستحق أن ينشد جميع أحفادنا نحن السوريين ومن كل المناطق

(أولئك اجدادي فجئني بمثلهم *** إذا جمعتنا يا جرير المجامع)

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع