..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

الصراع في سورية وعليها

ناصيف حتي

٢٣ ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2529

 الصراع في سورية وعليها

شـــــارك المادة

شكل انفجار دمشق، والبعض يصفه بالانفجار التأسيسي لإسقاط النظام، ضربة قوية عسكرية وأمنية وسياسية وسيكولوجية لنظام ذات طبيعة امنية بامتياز.

إلى جانب التحول النوعي في الحرب الدائرة في سورية، عكس هذا الانفجار من جهة وكرس من جهة أخرى مساراً عنفياً تصاعدياً هو نتاج المعادلة المزدوجة التي استقرت في المشهد المأساوي السوري وقوامها

أولاً، غياب الحل العسكري الداخلي او قدرة الحسم الكلي من جانب النظام أو المعارضة ومعه أيضاً غياب الحل العسكري من الخارج وفق النموذج الليبي أو أي نموذج متفرع عنه، وذلك لأسباب سياسية دولية وعسكرية وديبلوماسية ومجتمعية. تواكب ذلك مع تزايد عسكرة الصراع حجماً ونوعاً.

 

وثانيــاً، غياب اي تقــــدم فعلي وملموس للتسوية على اساس خطة كوفي عنان التي أغرقت فـــي المربـــع الأول منذ ولادتها ومعها مشروع الحل الانتقالي السلمي الذي حمله أيضاً إعلان جنيف، ولو أن كل طرف في تفاهم جنيف أعطاه تفسيراً مختلفاً إن لم يكن متناقضاً، هذا كله ادى الى قتل اي امكانية واقعية في اطار زمني مقبول ومعقول لإطلاق حل تفاوضي يحظى بتوافق دولي.

دخلت سورية اذاً مرحلة ما بعد التسوية السياسية الانتقالية الممكنة وغرقت في الحوار العنفي التصاعدي ذي الأوجه الكثيرة المتداخلة والمتكاملة. فهنالك حرب اهلية استقرت في المشهد السوري وحرب تحرير شعبية بعد ان تحولت الانتفاضة المطلبية من حراك سلمي الى عمل شبه عسكري، وبدايات حرب طائفية تذكرنا بالحرب الأهلية اللبنانية على رغم محاولات طمس واحتواء هذا الوجه للحرب.

وبالطبع انعكست الحرب الباردة حول سورية، حرب الكبار الدوليين والأقطاب الاقليمية، حرباً دموية بالواسطة في سورية.

في مرحلـــــة تغييب الحل السياسي يبدو «تفاهـــــم جنيف» الذي أسس لمجموعة العمل حول سورية كمتراس يطلق كل طرف من خلفه نار التشكيـــك على الطرف الآخر محملاً اياه مسؤوليــــة عدم التقدم، فيما تبدو خطة كوفي عنان للحل بمثابة منصة انطلاق في تغيير كلي انتقالي من قبل القوى المؤيدة للمعارضة. والخطة في الوقت ذاته تشكل اطاراً لفرض تقييد موضوعي مفتوح في الزمان لمنع سقوط النظام مع إجراء بعض التغييرات تحت سقفه بالنسبة إلى الأطراف الخارجية المؤيدة للنظام.

أمام ذلك كله ينفتح المشهد المأسوي السوري على أحد احتمالين أساسيين:

أولاً : تبلور ما قد يشبه النموذج المصري في مواكبة وإدارة التغيير في التغيير على رغم اختلاف الظروف والدور التاريخي والمؤسسي والسياسي للعسكر، كأن يبدأ، بعد ضربة الأمس، تبلور اطار قيـــادي عسكري يمثل كل أطياف المجتمع السوري وذلك وفق النموذج اللبناني، اطار يملك القوة والشرعية ليمسك بالورقة العسكرية وقادر على أن يخرج سورية من دوامة العنف الذي تسقط فيه بشكل كلي عبر تغيير السلطة بإخراجها سلمياً. وهذا مع توفير الضمانات لها وإبقاء النظام خوفاً من السقوط والفراغ الذي قد يحدثه ذلك السقوط وإدارة مرحلة انتقالية إشرافاً ومواكبة بغية انقاذ سورية دولة ومجتمعاً.

يتطلب هذا السيناريو توافقاً دولياً بين الفاعلين تدفع إليه من دون شك التطورات الدراماتيكيـــة ولروسيا بسبب طبيعة علاقاتــــها مع المــــؤسســــة العسكريــــة والأمنيــــة السورية دور خاص في هذا السيناريو.

ويرى الكثيرون ان هذا السيناريو يبقى الأفضل بين الاحتمالات القائمة ولو أنه يبقى صعباً وليس مستحيلاً للتحقيق.

ثانياً، الانحدار نحو الهاوية فيما يعرف باستقرار نوع من الصراع الاجتماعي الممتد في سورية ذات الدرجات المختلفة والمتغيرة من العنف والانتشار الجغرافي والذي يرى البعض انه قد يرى حصول نوع من «حلبجة سورية» وهو ما يعكس درجة التوتر والمخاوف والسقف المفتوح للصراع، والذي قد يحمل بوادر «افغنة» واحتمالات «صوملة» و «لبننة» صراع وليس لبننة تسوية بحيث يصبح العنف الوسيلة الوحيدة لإدارة الصراع المتصاعد، مما يهدد مع الوقت الدولة السورية من خلال إضعافها وتفريغها من الداخل وفق النموذج الصومالي المشار اليه وهو ما يستدعي في مرحلة لاحقة البحث عن بلورة «طائف دولي» يسمح بدوره لبلورة «طائف سوري» للحل.

السيناريو الأخير يؤدي ارتدادات زلزالية تطــاول دول الجوار بأوقات وأشكال مختلفة ويؤدي إلى خلط الأوراق في المنطقة. فالصراع في سورية والصراع حول سورية والتفاعل بين الصراعين مع ما يحمله هذا التفاعل من مآس هو في حقيقة الأمر صراع حول مستقبل صوغ النظام الاقليمي في المشرق في الأساس وفي الشرق الأوسط لاحقاً.

 

المصدر: أخبار الثورة السورية

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع