..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

نداء إلى المعارضة السورية

محمد أبو الهدى اليعقوبي

٦ ٢٠١١ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 6483

نداء إلى المعارضة السورية
37.jpeg

شـــــارك المادة

{يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون}..
{وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين}..

إلى جميع المعارضين للنظام السوري من مختلف الاتجاهات داخل الوطن وخارجه..

 

 

أبناءَ قومي والخطوبُ كثيرةٌ *** ويدُ التضامن قوةٌ ومَضاءُ
كونوا يدَ الحق التي لا تنثني ***  فيدُ التمزقِ ساعدٌ شَلاء

هذه تحيةٌ لكم، وشكرٌ على جهودكم، ودعاء لله - تعالى - أن يوفقكم وكلَّ من يدافع عن البلد وأهله.
نسأل الله - تعالى - أن يتغمد بواسع الرحمة الشهداء، ويمن بعاجل الفرج على السجناء، وأن يثبّت الثوار الأبطال الذين يتحدون الرصاص ويسطرون الأمجاد.
وبعد:
فهذا نداء لكم يا زعماء المعارضة، وأنتم أهل علم وسياسة وأدب وفضل، فيكم الطبيب والمهندس، والتاجر والفلاح والمعلم، فيكم شيوخ القبائل وزعماء الأحزاب، وفيكم الشباب من ذوي القوة، والشيوخ من أهل الحنكة، فيكم حرائر النساء وفتيان الرجال.. أنتم وجوه الناس وأهل الحل والعقد.
هذا نداء لكم أن اتحدوا.... تناسوا الخلاف، واحذروا الشقاق... ليضع كل واحد يده في يد الآخر، وإن تباعدت الآراء في ميدان الدين والفكر والسياسة....
ألسنا جميعاً نتفق على إسقاط هذا النظام الفاسد... ألا نتفق على وجوب توقف القتل والتعذيب وإنهاء الإذلال والاضطهاد... ألا يستنكر كل واحد منا تدنيس المقدسات والاعتداء على الحرمات؟!.
ثم ألسنا جميعاً نسعى إلى إنقاذ البلد من الفوضى، ونؤكد على حفظ حقوق جميع طوائف الشعب...
ألسنا جميعاً نأمل أن نرى سورية تصان فيها الدماء وتحفظ فيها الحقوق وتحترم فيها الآراء ويقدم فيها أصحاب الكفاءات... أما يحلم كل منا أن يرى سورية بلد الحضارة والقوة والازدهار، بلد الأمن والأمان!
ألا يكفينا هذا كله لنجتمع في هيئة واحدة وندع كل تصوراتنا للعمل السياسي الخاص بنا إلى ما بعد النصر، وعند ذلك يقرر الشعب ما يريد.
تذكروا ما نحن إلا خدم للشعب، ولسنا نواباً عنه، وإنما تصدى كل واحد منا حسب الموقع الذي هو فيه غيرة على البلاد وصوناً للدماء ودفاعاً عن الحق، ولإيصال صوت الشعب إلى وسائل الإعلام والعالم كله.
أيها الإخوة والأخوات! دماءُ الأبرياء من الشيوخ والأطفال، والنساء والرجال، تُهَراق صباحَ مساء بغير ذنب ولا جرم، وأصواتُ الأمهات الثكالى والأزواج الأيامى والأطفال اليتامى تمزق سكون الليل، وتصرخ بنا ونحن في غفلة ساهون، نشتغل بأنفسنا ما بين موافق ومعارض، وراغب وراهب، ومشترط ومتصدر وخجول.
دعونا نقدم برهاناً أننا - وعلى قدم المساواة - نعرف كيف يتواضع بعضنا لبعض، دعونا نعلم الناس الإيثار بدل الأثرة، والصبر بدل العجلة، ولنقدم الدليل على أننا نعرف كيف نطبق مبادئ الشورى –الديمقراطية-(1)، فيما بيننا بعيداً عن الاستبداد بالرأي، والاستبعاد للمخالف. علينا أن نجتمع من أجل سورية بلدنا، ومن أجل أهلنا وشعبنا الذي لبى نداء الثورة، مهما اختلفت فينا المذاهب والتصورات. فالشعب يتطلع إلينا والعالم يراقب مواقفنا.
تذكروا أن الثورة لا لون لها إلا لون الدماء التي تنزف أياً كان انتماء أصحاب الدماء، ولا صوت لها إلا صوت واحد ينادي: ارحل ارحل، ولا هوية لها إلا الثورة على الظلم، وهذا ما دأبنا على التنبيه إليه في الخطب والمقابلات، بعيداً عن التعصب والتكفير.
نحن نكبر بالاتفاق فتكبر معنا الطموحات، ونصغر بالاختلاف فتتضاءل بين أيدينا الآمال.... وسنكون كالسيل إذا ما اتفقنا قوة وعزماً، وكالغُثاء إذا ما تنازعنا تفتتاً وضعفاً....
إن أهلينا وإخواننا يتعرضون للموت كل يوم وهم يخرجون من المساجد ينادون بالحرية ويطالبون بإسقاط النظام، أفلا يستحقون منا أن نتفق!
إن أمة أنجبت الأبطال والعلماء والعباقرة في القديم لن تعدم القادة والحكماء في الحديث، فكيف إذا كانت هذه الأمة في بلاد الشام مهد الحضارات. فما تكمن المشكلة في نقص القيادات وإنما في الرضا بما دون التطلعات.
نعلم أنكم لا تبحثون عن المناصب، ولا تطمحون إلى الألقاب، ولكننا نرجو منكم اليوم قبل الغد الاتحاد والاتفاق، وتأسيس مجلس يرضى به الجميع، يتولى إدارة الأزمة، فلا يصلح أمر الناس إلا بسَراة يفاوضون ويمثلون، ولا يمكن لمجلس أن ينجح ما لم يمثل فيه من يصنع الثورة، وهؤلاء لا ينتمون إلى أحزاب ولا إلى تكتلات، إنهم عامة الشعب بطلابه ومثقفيه، وعماله وفلاحيه. وما لم يمثل الثوار لا يكون للمجلس معنى إذ لا رأي لمن لا يطاع.
من كلام نبينا - عليه أفضل الصلاة والسلام -: ((سيد القوم خادمهم))، وأي مجلس يؤسس اليوم لن يكون مجلس شرف بقدر ما يكون مجلس بناء وعمل، للبحث في سبل تجنب الفوضى بعيد سقوط النظام وسبل حماية الوزارات والمتاحف والمؤسسات، الأحياء والممتلكات، وتأمين الماء والكهرباء، وتشغيل المخابز وتوزيع الغاز. إننا نريد سقوط النظام لا سقوط الدولة، والحفاظ على الدولة من الانهيار عبء على كاهل أي مجلس يختار.
ولا بدّ - من جانب آخر - من هيئة واحدة تمثل الثورة في المحافل الدولية، ليكون الصوت واحداً لا متعدداً، وإذا تعدد كان مؤيداً متوافقاً لا معارضاً متناقضاً، كما هو الحال اليوم، كل يطعن في صاحبه ويدعي أنه الذي يمثل جماهير الشعب. ولذلك لا يستغرب تردد أقرب الدول إلينا في دعم تطلعات شعبنا مع غياب القيادة والاتفاق.
وأنتم باجتماع الكلمة ورأب الصدع ولم الشعث من سيسد أي فراغ محتمل. وهذه أعباء تنوء بها الجبال، لا مناصب وألقاب، وكما أن الشعب ينقض الآن على هذا النظام فإنه سينقض بأسرع من ذلك على كل من يحاول أن يتحدث باسمه ويغتصب حقه ويضيع هويته في المستقبل القريب.
إن خمسين سنة من حكم حزب البعث لم تجن للبلد إلا استعباداً للناس، ونهباً للثروات، وتزيفاً للتاريخ، وحرباً على الدين، وقد آن الأوان لتنطلق سورية من حكم الحزب الواحد وسيطرة البيت الواحد لبناء مستقبل مشرق واعد يتساوى فيه ابن الوزير وابن الأجير في الحقوق والفرص والواجبات.
فضعوا أيديكم بأيدي بعض، واعملوا بصدق وإخلاص، فالنصر قريب -بإذن الله-، {إنهم يرونه بعيداً * ونراه قريباً}. ولقد رأينا كيف أن الله - تعالى - يقود هذا النظام إلى نهايته بشؤم أفعاله وسوء أعماله ومواصلة إجرامه، فلنكن على استعداد بوحدة الصف وجمع الكلمة، فإننا أصحاب حق، وصاحب الحق مؤيد من الله - تعالى - ما دام مع الحق.
ــــــــــــ
(1) الصحيح: أن الشورى غير الديمقراطية.

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع