..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

الديمقراطية

علي الكيلاني

٢٩ ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3144

الديمقراطية
10.jpeg

شـــــارك المادة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
إن من نعم الله علينا أن منّ علينا بنعمة الإسلام، هذا الدين الطيب المبارك الذي يتسم بسمات جليلة، ومحاسنه كثيرة جداً فوق الحصر، فهو الدين المهيمن على كل الأديان والمذاهب، والمتصف بالربانية والشمولية والكمال والوسطية والثبات والاعتدال والتوازن، ويتميز بالمرونة والتجديد مع المحافظة على الثوابت والأصول، فأصوله راسخة مستمرة صالحة لكل زمان ومكان، {كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ الله الأمثال للناس.. }[إبراهيم: 24و 25]. فلله الحمد أن جعلنا من أتباع هذا الدين الحنيف ومن أمة خير المرسلين - صلى الله عليه وسلم -.


ومع هذه النعم التي يحسدنا عليها الكفار كما ذكر الله عنهم في أكثر من موضع فقال: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: 109]، وقال - سبحانه -: {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً..} [النساء: 89]، وقال: {إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ} [الممتحنة: 2].
فنعمة الإيمان والإسلام حسدنا عليها الكفار الأوائل، ومع ذلك نجد بعض المسلمين -هداهم الله- يحسدون ويغبطون الكفار الأواخر في زماننا على رزايا وبلايا وزبالات أفكارهم العفنة ومذاهبهم الهدامة، ويتمنون أن يصلوا إلى ما وصلوا إليه، بل بعضهم يسعى لتحقيق ذلك بكل ما أوتي من قوة ويظن أن ما هم عليه لا يتنافى مع الإسلام بل يلتقي معه، فيحاول التلفيق والتقريب بينهما، وبعضهم يصل إلى الذوبان والانصهار في ثقافة الغرب، فنقول لهؤلاء الذين يتكلمون بألسنتنا وهم من بني جلدتنا: إياكم وما أوهمكم به الغرب مما هم عليه من حضارة كاذبة ومزيفة، زعموا أنهم وصلوا إليها عن طريق الديمقراطية، فصار أخوة لنا في الإسلام إمعة يتبعونهم ويجرون وراءهم وينادون بتطبيق الديمقراطية في بلاد الإسلام، مستبدلين الذي هو أدنى (الديمقراطية) بالذي هو خير (الإسلام)، ونسوا أو تناسوا أن الديمقراطية لا تمت للإسلام بصلة والإسلام منها بريء، ومحاولة دمجهما وتهجينهما محاولة يائسة خاطئة كاذبة، فمثلهم كمثل القائل:

أيُّها المُنْكِحُ الثريَّا سُهَيلاً *** عَمْرَكَ اللهَ كيف يَلْتقيانِ
هي شاميَّةٌ إذَا ما اسْتَقَلَّتْ *** وسُهَيلٌ إذا استقَلَّ يَمَانِي

فالديمقراطية مخالفة للإسلام من حيث الأصل والمصدر والتطبيق والهدف، فهي مذهب وضعي مستمد من فلسفة اليونان، متغير قائم على تحقيق مصلحة فئة من الناس، زعم أصحابه أنه قائم على حكم الشعب نفسه بنفسه، مبني على الحرية والعدالة والمساواة، وكل هذا باطل فديننا الإسلامي مصدره رباني، فالله هو المشرع لا الشعب؛ لأن الله هو خالقهم وهو أعلم بما يصلح أحوالهم؛ {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير}، {أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون}، أما البشر فنظرتهم قاصرة لا تعدو أصابع أرجلهم، لذلك ثبت لدى شعوب الغرب العاملين بالديمقراطية أن قادتهم كذبة همهم أنفسهم وتحقيق مصالحهم دون مصالح الشعب، وقد علم القاص والداني وكل من عاش في الغرب أنهم يطبقون الديمقراطية على أشخاص دون بقية الشعب، فالحرية لأصحاب الشركات، والعدالة والمساواة للطبقات الراقية والغنية، والتمييز العنصري والطائفي والعرقي ظاهر للعيان. وقد حدثني أحد من عاش في أمريكيا أن الحكومة فرحت بالإعصار الذي دمر المنطقة التي يقطنها السود، بينما قال لي إنه كان يعيش في منطقة البشرة البيضاء فقامت الحكومة بتعويضهم كل شيء حتى اللحوم والخضروات التي فسدت في ثلاجاتهم بسبب الإعصار؟؟ فأين المساواة والعدالة التي نادوا بها، فالشعوب قد ملت من هذه الشعارات.
ولو سألنا هؤلاء الداعين للديمقراطية: لو أن الشعب جميعه رفض الديمقراطية هل تأخذون بحكمه؟ بناء على قواعدكم: حكم الشعب نفسه بنفسه، ولو أن شعبنا في سوريا الحبيبة كله طالب بتحكيم الشريعة؟ هل ستوافقون على ذلك أم ستقولون: إن الإسلام لا يصلح لهذا الزمان المتحضر أهله؟؟ كما تبجح بعض من ينتسب لبعض التيارات الإسلامية: إن السلفية لو حكموا سيرجعوننا إلى العصر الحجري!!!!
وقد ألف كثير من علماء الغرب كتباً نقضوا فيها الديمقراطية وبينوا شؤم تطبيقاتها على الشعب وعلى المجتمع بأكمله، وأثبتوا خطرها وأنها متغيرة لا ترسو على قاعدة إلا مصلحة أسيادها!!
لذا علينا جميعاً كطلبة علم أن نبين للمسلمين خطرها، وأن ننبذ زبالات أفكار هؤلاء الغرب وأن نرجع إلى شريعتنا الغراء، وتاريخنا المجيد المليء بالصور الرائعة التي حقق فيها الخلفاء والأمراء أروع الأمثلة في العدالة والمساواة والبذل والعطاء، كما هو حال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وعمر بن عبد العزيز - رحمه الله -؛ اللذان يزعم الديمقراطيون أنهم ديمقراطيو الإسلام.... ولنذكر هؤلاء المتغربين المتطلعين لحضارة الغرب: أن أوروبا وملوكها كانوا يوماً من الزمان يأتون إلى المسلمين لينهلوا من حضارتهم ويستفيدوا من أحكامهم وقوانينهم.
ولنوضح للمسلمين خطر الأفكار التي تأتينا من الغرب وأنها مسمومة، ونحذرهم من أن نكون إمعة ونحذرهم من التشبه بالكفار فمن تشبه بقوم فهو منهم. وأن يكون ولاؤنا لديننا الحنيف ولنتبرأ من الكفر وأهله ومعتقداتهم ومذاهبهم.
وأخيراً نقول لمن ينادي بالديمقراطية ممن ينتظر تحطم وسقوط النظام أن يفكر بالإسلام الحل الوحيد والبديل للنظام الاشتراكي الذي سام أهله سوء العذاب، وأن يعي أن الشعب الذي قام ضد النظام شعب مسلم يريد تطبيق الشريعة، فيلزمك على مذهبك الديمقراطي الانصياع لمطالب الشعب، وإياك إياك بالمناداة لما يحبه الغرب، فالشعب سيلفظك كما يلفظ المرء بصاقه....
أرجو من الأخوة التعليق بما يخدم الفكرة والتركيز على هذه القضية التي صرنا نسمعها كثيراً في هذه المحنة، وجزيتم خيراً، وألقاكم على ما يرضي ربنا.

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع