..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

القاعدة في سوريا.. حقائق أم أكاذيب؟

ياسر سعد الدين

٨ ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3167

القاعدة في سوريا.. حقائق أم أكاذيب؟
4.jpeg

شـــــارك المادة

كثر اللغط والكلام عن وجود القاعدة في سوريا والخشية من أن تتحول البلاد -التي تفقد فيها حكومة الأسد السيطرة على الأمور يوماً بعد آخر- لدولة فاشلة ومأوى لما تسمى بالجماعات الإرهابية والمتطرفة.


حتى حسن نصر الله حاول الاستفادة من شريط منسوب لأيمن الظواهري ليبرر مواقفه السلبية بشدة من الثورة السورية والتي هزت صورته شعبياً وبشكل كبير. وفي حين يصر النظام على وجود عناصر للقاعدة في سوريا، تؤكد المعارضة أن النظام هو المسؤول الأول والأخير عن التفجيرات والمفخخات التي تهز البلاد بين حين وآخر.
وتستند المعارضة في ذلك إلى أماكن وتوقيت التفجيرات التي عادة ما تسبق زيارة وفود المراقبين عرباًَ ودوليين. كما ينقل الناشطون لقطات من وسائل الإعلام الرسمية تظهر ما يعتبرونه فضائح وإخراجاً رديئاً لمسرحيات دموية قاتلة.
ويتساءل البعض إذا كانت التفجيرات ناتجة عن قنابل بشرية منطلقة من فكر استئصالي فلماذا تستهدف حي الميدان الثائر أكثر من مرة ولا تستهدف أحياء تنتمي لطائفة الأسد على سبيل المثال؟ وحتى نتعامل مع الحالة الجدلية بأسلوب حيادي مهني بقدر المستطاع، سنستعرض صوراً حديثة وأخرى تمتد لسنوات خلت لأحداث ومواقف تتعلق بطريقة أو أخرى بالموضوع، لعلها تجعل قدرة القارئ على الحكم على الموضوع أكثر علمية وموضوعية.
• حين وقع تفجيرا دمشق الجمعة 23 /12 /2011 اللذان استهدفا -حسب الرواية الرسمية- فرعاً أمنياً ومبنى إدارة المخابرات العامة عمدت السلطات السورية وبعد دقائق من التفجيرات إلى تحميل تنظيم القاعدة المسؤولية وبشكل مريب وغريب. هذا التسرع دفع حسين مرتضى مراسل قناة العالم الإيرانية بدمشق وبحسب بريد الأسد الإلكتروني المسرب لإرسال نصيحة للسلطات منقولة من حزب الله والحكومة الإيرانية توصي بالتروي حفاظاً على المصداقية.
• شاكر الدراجي، عضو ائتلاف دولة القانون الذي يترأسه المالكي، قال في أغسطس/آب الماضي إن المتظاهرين السوريين كانوا من تنظيم القاعدة، وإن إسرائيل ودول الخليج وراء هذه المظاهرات. وأوضح أنه إذا تمت الإطاحة بنظام الأسد سيتولى أفراد تنظيم القاعدة السلطة وسيستخدمون سوريا كقاعدة لشن هجمات على العراق والمنطقة. وحسب الدراجي، يستهدف مخطط إسرائيل ودول الخليج العربي استغلال الاختلافات الطائفية بين الأسرة الشيعية الحاكمة في سوريا والأكثرية من السنة لصالحهم. اتهام الدراجي خلا من المنطقية، وهو محاولة مشبوهة لتوظيف فزاعة القاعدة من أجل دعم نظام الأسد سياسياً والتخويف من مساندة الثورة السورية التي كان طابعها السلمي ما زال سائداً في ذلك الوقت.
• حين وقعت أحداث مخيم نهر البارد عام 2007 أشارت أصابع الاتهام للنظام السوري الذي من مصلحته وقتها زعزعة الاستقرار في لبنان للتهرب من استحقاقات المحكمة الدولية في مسألة الحريري. بشار الجعفري نفى تورط بلاده وقال حينها إن متشددين يقاتلون قوات الجيش اللبناني أودعوا السجن في دمشق قبل سنوات قليلة لصلاتهم بتنظيم القاعدة وسيعاد اعتقالهم إذا عادوا إلى البلاد، وإن عدداً من أعضاء الجماعة قضوا "ثلاثة أو أربعة أعوام" في السجون السورية "قبل عامين"، بسبب روابط مع القاعدة، ثم أفرج عنهم وغادروا البلاد.
وأضاف قائلاً للصحفيين: "إذا عادوا إلى سوريا فإنهم سيودعون السجن.. إنهم لا يقاتلون لمصلحة القضية الفلسطينية. إنهم يقاتلون لمصلحة القاعدة". وقال إن معظم قادة الجماعة فلسطينيون أو أردنيون أو سعوديون، وربما أن "اثنين منهم" سوريان. وأضاف أنه بعد إطلاق سراح قادة الجماعة بدؤوا "ممارسات إرهابية"، ودربوا "عناصر جديدة" لمصلحة القاعدة، لكنهم غادروا سوريا حتى لا يتعرضوا للسجن مرة أخرى.
إذن في سوريا وفي تلك الفترة يحاكم ناشطون بأحكام قاسية لمواقف سياسية سلمية، في حين يقضي في سجونها ولمدد قصيرة نسبياًَ عناصر بارزة وقيادية من "القاعدة"!! ثم يكون لهم -حسب السفير السوري- بعد إطلاق سراحهم ممارسات إرهابية وتدريب لعناصر جديدة ومن ثم يغادرون البلاد بسلام من بعد مع الانتباه إلى أنهم لو عادوا للقبض عليهم.
• في الصفحة الأولى للوطن السورية الصادرة في 29 /4 /2012 خبر عن إعدام الجيش الحر لوليد بستاني أحد قيادات فتح الإسلام، والدليل شريط فيديو وصل بطريقة عجيبة لقناة متعاطفة مع النظام ورد فيه اسم أحد قيادات تيار المستقبل اللبناني، فهل كان محتوى الشريط حقيقياً أم صوّر في أقبية المخابرات السورية؟ أسئلة تحتاج لجهات محايدة ومستقلة لتقديم إجابات علمية ومنطقية.
ناشطون اعتبروا أن الأمر قد يكون مفبركاً، فالنظام يهدف لإثارة البلبلة والتحذير من تسليح الجيش الحر، واللعب على وتر القاعدة وتشويه سمعة اللبنانيين المتعاطفين مع معاناة السوريين المضطهدين مثل تيار المستقبل في لبنان وغيره.
• ما إن تحدث تفجيرات في سوريا حتى يبادر إعلام النظام وقبل أي تدقيق أو إجراء تحقيق لوصف التفجير بأنه انتحاري ليعزز نظريته بأن القاعدة تنشط في الداخل السوري.
• في مقابلة مع صحيفة صنداي تلغراف يوم الأحد 30 /10 /2011 قال الأسد: إن "سوريا اليوم هي مركز المنطقة. إنها الفالق الذي إذا لعبتم به تتسببون بزلزال.. هل تريدون رؤية أفغانستان أخرى أو العشرات من أفغانستان؟".
• في صيف 2003 نشرت مجلة نيويوركر الأميركية تقريراً لسيمور هيرش، سرد فيه تفاصيل التعاون الوثيق بين أجهزة الأمن السورية والمخابرات الأميركية. وكشف هيرش أن الأميركيين حصلوا من السوريين على "كارت بلانش" لدراسة وتدقيق آلاف الملفات والوثائق والمستندات السرية التي تخص رجالات القاعدة في ألمانيا بصفة خاصة.
كذلك أشار التقرير إلى فضل الجانب السوري في إفشال عمليتين ضدّ القوات الأميركية: واحدة ضدّ الأسطول الخامس في البحرين، والثانية ضدّ هدف في أوتاوا بكندا. المعلومات الاستخباراتية السورية التي أدهشت الأميركيين حينها ناتجة عن اختراقات أجهزة أمنية سورية متمكنة لمنظمات ذات صلات وعلاقات بتنظيم القاعدة. الأمر الذي يطرح علامات استفهام حول ما يجري في سوريا الآن، هل هو تدبير من أجهزة النظام أم توظيف لاختراقات وعلاقات سابقة أم أن الأمن السوري فقد قدراته التي كان يوظفها للتقرب والتواصل مع الأميركيين؟
• نقلت صحيفة تلغراف البريطانية في شهر فبراير/شباط الماضي خبر إطلاق سلطات الأسد سراح أبو مصعب السوري (مصطفى ست مريم نصار) المتهم بأنه العقل المدبر لتفجيرات لندن قبل سبع سنوات من معتقله في حلب في ما يبدو أنه تحذير للولايات المتحدة وبريطانيا من عواقب سقوط النظام وإدارة ظهرهما له في مواجهة الانتفاضة التي تشهدها البلاد، وتقول الصحيفة: إن النظام السوري ربما أفرج عن أبو مصعب كرد فعل على الحملة الأميركية والغربية ضده.
• أبو القعقاع (محمود أغاسي) كانت له خطب جهادية حماسية إبان الغزو الأميركي للعراق، شكل جماعة قام بتدريبها في جامع في حي الصاخور بحلب، ونظم مهرجانات قدم فيها أتباعه عروضاً للقتال، ونشر خطبه الجهادية النارية على أقراص مضغوطة. تمت تصفيته واغتياله يوم 28 /9 /2007 وربما التخلص منه بعد أن استثمره النظام في حشد المقاتلين في العراق واللعب بورقة المقاومة دعماً واختراقاً ليتم استخدامها كورقة مساومة سياسية.
وبحسب تقرير لهيومن رايتس ووتش: "بعيداً عن العدالة: محكمة أمن الدولة العليا في سوريا"، الصادر مطلع 2009، فلقد كانت السلطات السورية تسمح لدبلوماسيين غربيين بحضور محاكمات أمن الدولة رغم افتقادها للمعايير القضائية السليمة بحدها الأدنى لتحاكم بحضورهم سلفيين وتحكم عليهم خلال دقائق بسنوات في السجن لمجرد أنها ضبطت معهم أشرطة لأبي القعقاع.
• في مقابلته الشهيرة مع نيويورك تايمز في مايو/أيار 2011 قال رامي مخلوف ابن خال الأسد ورجل النظام الاقتصادي الأول: إن "السلفيين" هم البديل عن النظام، وإنه إذا لم يكن هناك استقرار في سوريا فمن المستحيل أن يكون هناك استقرار في إسرائيل، مضيفاً أنه لا توجد طريقة ولا يوجد أحد ليضمن ما الذي سيحصل بعد، إذا لا سمح الله حصل أي شيء لهذا النظام. وقال مخلوف في المقابلة: لا تدعونا نعاني، لا تضعوا الكثير من الضغوط على الرئيس، لا تدفعوا سوريا إلى فعل شيء لن تكون سعيدة بفعله، يجب أن يعلموا أننا حين نعاني، لن نعاني وحدنا. وهكذا يسبق مخلوف الأحداث والعالم ليتحدث عن السلفيين، وعن أفعال يقوم بها النظام لن يكون سعيداً بها وستؤدي لمعاناة الجميع. فهل كان مخلوف يقصد فتح عش دبابير القاعدة في البلاد بتخطيط وتدبير من النظام ليهدم المعبد على الجميع؟
إذا كان وصول طرف محايد لاستنتاج قطعي ويقيني حول وجود القاعدة في سوريا واقعاً أو بروغاندا، أمراً ليس باليسير، فإن استفادة النظام السوري من هذا الأمر مؤكدة، كما أنه يسبب حرجاً للمعارضة السورية التي تتباهى بعلاقاتها الخارجية وبتنوعها الإثني والمذهبي، بل تطالب بتدخل خارجي، وهو ما يتعارض تماماً مع فكر وأيديولوجيا القاعدة.
أطراف من المعارضة تقول لو افترضنا جدلاً أن هناك عناصر من القاعدة في البلاد وأن الأمر خارج سيطرة الدولة وليس برغبة منها، فإن تصرفات النظام ودمويته وملاحقته للناشطين السلميين، وتأخر المجتمع الدولي والعربي عن إيقاف شلال الدم السوري، هو الذي يتحمل وزر هذا الأمر وليس الثورة أو المعارضة السورية.
وإذا استذكرنا أن الإرهاب قضية دولية وعالمية، وأن النظام السوري كان سباقاً لتقديم يد العون للسلطات الأميركية في محاربته، وبما أن القضية السورية دخلت حيز التدويل بقراري مجلس الأمن 2042 و2043، فإن من واجب المجتمع الدولي تشكيل لجان تحقيق حول الأعمال الإرهابية المدانة في سوريا لمعرفة من يقف وراءها.
كما أن تلك اللجان ستكون بمثابة رد إيجابي على طلب وزير الخارجية السوري وليد المعلم للأمم المتحدة بمساعدة بلاده على محاربة الجماعات الإرهابية في رسالة "عاجلة" بعث بها إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في 10 يونيو/حزيران من العام الماضي.

المصدر: الجزيرة نت

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع