..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

الثورة السورية.. بين مكر البدايات وحتمية المآلات

ماجد العبد الجبار

٩ ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 8804

الثورة السورية.. بين مكر البدايات وحتمية المآلات
9.jpeg

شـــــارك المادة

ابتداءً لا بدّ أن نقرر أن الثورة السورية هي "الثورة الفاضحة" التي فضحت البعيد والقريب، والشرق والغرب، والعجم والعرب، وما تركت من خفايا السياسة العالمية شيئاً إلا فضحته وأظهرته وكشفته! وما عاد هنالك من أوراق توت، لتستر تلك العورات النتنة، التي طالما تفننت في تحوير لغوها القبيح إلى أصوات كاذبة منافقة تنادي بالحرية والعدالة وحقوق الشعوب.. وهو في حقيقته توزيع لأدوار المؤامرة والخيانة بين الغرب والشرق، والضحية سوريا!

 

يا موطناً عبث الزمانُ به  *** من ذا الذي أغرى بك الزمنا
عطفوا عليك فأوسعوك أذى ***  وهمُ يُسمّون الأذى مننا

 

مضى الآن ما يزيد على العام منذ انطلاق الثورة السورية المباركة، والغرب والشرق لا زال يبرر تخاذله باختلاف المعارضة السورية وتشتتها وعدم توافقها واجتماعها، وهل كل معارضة معتبرة؟.. الكل متفق على أن هيئة التنسيق الوطنية (هيثم المناع وجماعته) هي أقرب للعميل منها إلى المعارضة، وليس لها أي ثقل جماهيري وثوري على الأرض! فلماذا يستميت الغرب والعرب وتركيا في اشتراط انضمامها للمجلس الوطني كي تكتسب المعارضة السورية الشرعية الدولية؟!.. فهل هذه هي الحقيقة؟ في كثير من المواقف الدولية تدخل الغرب عسكرياً لإسقاط أنظمة دون وجود معارضة أصلاً، فضلاً عن معارضة متنازعة!، فلماذا تثار هذه القضية دوماً كلما تمادى النظام السوري في بطشه؟! وتنادى المستضعفون والمخلصون للنجدة؟!.
لا بدّ من وضع النقاط على الحروف وتوضيح الجوانب الخفية من القضية، وكما قيل قديماً عن منطقتنا العربية: "كلما كانت السياسات مخالفة للعقل والمنطق فابحث عن إسرائيل"! لقد وضعت الخطط الإستراتيجية للدولة اليهودية منذ إنشائها في عام 1948م، على أن ضمان بقاء إسرائيل هو تطويقها بدول طائفية قوية أو علمانية عميلة، تحمي حدودها وتكون حاجزاً بينها وبين الدول والشعوب السنية في المنطقة، وسارت هذه الخطة على قدم وساق وبدعم غربي وشرقي حتى تحقق لإسرائيل ما أرادت ولعقود متتالية.. وبعد الثورات الأخيرة تبخر كل شيء وما بُني في عقود يكاد يتلاشى في شهور، لتتحرك السياسات الغربية والشرقية ومن ورائها العربية العميلة لتغيير الواقع وركوب هذه الموجات وتغيير وجهتها بما يحقق الأهداف الغربية ومن ورائها اليهودية.. ومشكلة الغرب أن هناك متغير جديد دخل إلى الساحة في ساعة غفلة وما هناك وسيلة لإبعاده أو ترويضه؛ وهي الشعوب المثقفة الثائرة التي لا ترضى بأنصاف الحلول أو هضم الحقوق.. فما الحل؟
إن الغرب والشرق يعلم أن المارد العربي والإسلامي قد تململ وبدأ بالخروج من قمقمه في مصر وسوريا وهو بين خيارين أحلاهما مر! إما أن يطبق معاييره الأخلاقية التي يزعمها - ويدعم الثورات هنا وهناك كما دعمها في السودان وأوروبا الشرقية وتيمور وغيرها من الدول- وهذا محال نظراً للتكاليف الباهظة التي سيدفعها من مكاسبه السياسية التي بناها خلال عقود مع الشيعة واليهود وعملائه من العرب!، وإما أن يجهض هذه الثورات بتفريغها من مضمونها ونتائجها المفترضة وهذا ما يسعى لتحقيقه من خلال تركيا ودول الخليج..
في مصر بدأ المجلس العسكري ومن ورائه دول الخليج وأمريكا لغربلة الأمور بما يضمن وصول مرشح رئاسي توافقي يعيد منحى السياسة المصرية إلى ما كانت عليه، وقد تنبه الإخوان والسلفيون لهذه اللعبة واحتمالية تزوير الانتخابات المقبلة لمرشح المجلس العسكري، فأسرعوا بانتخاب الهيئة التأسيسية لوضع الدستور لقطع الطريق على المجلس العسكري ومن خلفه من المنافقين؛ وتقييد الصلاحيات المتوقعة للرئيس الجديد! مما دعا المجلس العسكري إلى التهديد بإصدار قرار بحل البرلمان، والتذكير بأحداث 1954م، وهي خطوة متقدمة جداً!.. ولعلها هروب للأمام لتيقن المجلس العسكري أن المواجهة قد أزفت وأنه لا مجال لخسارة الرئاسة بعد خسارة مجلسي الشعب والشورى!، ولعل تهديد الإخوان ابتداءً بمرشح رئاسي (الشاطر) ومن ثم الترشيح الفعلي هو ورقة تفاوضية لإرغام المجلس العسكري على تهدئة الأوضاع، وتذكيره بأن الظروف الحالية لا تتشابه أبداً بظروف 1954م!، والوضع اليوم مدلهم وغير واضح، اختلط فيه الحابل بالنابل لا سيما بعد ترشح عمر سليمان! لتكتمل حلقة التآمر بترشح نائب الرئيس السابق (عمر سليمان) ورئيس وزرائه (أحمد شفيق) ووزير خارجيته (عمر موسى)، وبإشراف وزير دفاعة (الطنطاوي) وفي ظل التضييق، والتلويح بالمخالفات النظامية للترشح وعدم استكمال متطلباته لبقية المرشحين وخاصة الإسلاميين!.. مما يشير إلى أن وراء الأكمة ما وراءها!.. فهل مصر على أعتاب ثورة تصحيحية ثانية؟!..
أما في سوريا فالوضع مختلف تماماً، والغرب والشرق وصل إلى حالة من اليقين لا سيما بعد تكوين الجيش الحر(70000 مقاتل) وحمل السلاح من أفراد الشعب، أنه لا بقاء للأسد، وهو أمر يكاد يتفق عليه الجميع، والمشكلة ماذا بعد الأسد؟.. والكل مقتنع بأن أي ديمقراطية حقيقية في سوريا ستأتي بالإسلاميين إلى سدة الحكم أسوة بمصر ودول المغرب العربي، والشعب السوري مثل بقية الشعوب لن يرضى بأي تسوية مع إسرائيل تهمش مصلحته في الجولان أو مصالح العرب في فلسطين، إلى جانب الويلات التي عاشها عقوداً تحت بطش الأقليات الشيعية في سوريا ولبنان وامتداداتها العربية في العراق!.. وهي بلا شك فواتير لا بدّ لها من تصفية، وتنتظر يوم الحساب!.. فما الحل؟
لقد تفهمت دول المركز في الغرب والشرق هذا الأمر، ولذا قررت أن هناك ممنوعات دولية لا يمكن الرضا بها، ومن هذه الممنوعات إقامة دولة سنية في سوريا، وهو الشيء الذي زل به لسان وزير الخارجية الروسي عندما صرح بأن روسيا ضد قيام دولة سنيّة في سوريا بحجة الخوف على الأقليات في سوريا ولبنان والعراق!.. وما أقبحها من حجة!.. وهل البديل تسليط الأقليات على الأغلبية!!.
إن الغرب والشرق له هدف واضح وينتظر من المعارضة أن توافق عليه قبل البدء بتنحية الأسد!، والمعارضة ليس لديها في الوقت الحالي القدرة على التفكير به أو مناقشته علناً فضلاً عن تبنيه! والخيارات المطروحة من القوى الغربية على المعارضة السورية هما خياران لا ثالث لهما: ذبح الشعب وتدمير الدولة وإضعافها ومحاصرتها وإنشاء حزب الله السوري (الدولة العلوية) مع الدعم الكامل لها أسوة بما هو قائم في لبنان من خلال تحكم أقلية شيعية (حزب الله) وأقلية نصرانية (الموارنة) بالأغلبية السنية، وأن تكون هذه الدولة حاجزاً بين الدولة السورية المستقبلية الضعيفة وبين إسرائيل، ولعل التهجير القسري للسنة من حمص وإسكان النصيريين في منازلهم إرهاصات على ذلك. أو بالإبقاء على الوضع الحالي للدولة السورية (البنية الطائفية) من خلال تحكم الأقلية العلوية وغيرها من الأقليات بمفاصل الدولة الرئيسية لا سيما الجيش مع إعطاء السنة جزء من الكعكة ممثلة بمناصب شكلية كرئاسة الدولة أو رئاسة الوزراء وهو شبيه بما هو موجود في لبنان والعراق.. والخيار الثاني هو المفضل لدى الغرب، ولذا فهم يرغبون في تحقيقه ويسعون جاهدين لتنفيذه وبمباركة تركية وخنوع خليجي!..
المعارضة السورية لا يمكن لها أن تصرح بقبول أو مناقشة هذه الخيارات ليقينها بأن الثوار على الأرض لا يمكن أن يقبلوا بها، وقد يسحبوا تأييدهم لها لو تكشف لهم مناقشة مثل هذه الخيارات؛ لا سيما بعد مقتل ما يزيد على (12000) من أحبابهم، ولذا حاول المجلس الوطني مراراً وتكراراً مغازلة الغرب من خلال تأكيداته المتكررة على علمانية الدولة ومدنيتها، وما وثيقة الإخوان المسلمين الأخيرة إلا تأكيداً لذلك، ولعل استقالة المالح ومن معه من المجلس إشارة لما لمسوه من الضغوط التي تمارس على المجلس من الغرب والشرق للقبول بتلك الخيارات المجحفة. ومن الخساسة السياسية التي تمارس على المعارضة والثورة السورية في سبيل الضغط لقبول هذه الحلول إعطاء الضوء الأخضر لحكومة الأسد لممارسة أبشع أنواع الجرائم والانتهاكات دون حسيب أو رقيب مع محاصرة الجيش الحر! حتى تصل الأمور للاقتناع بالرؤية الغربية القائمة بالإبقاء على النظام والبنية الطائفية للجيش أو حرب طائفية سينتج عنها كيان علوي قوي وحامي لإسرائيل ومكمل للهلال الشيعي في مقابل دولة هزيلة منهكة للسنة!.
هكذا بدأ لنا المشهد السوري اليوم.. ابتزاز سياسي غربي لإقامة دولة ذات محاصصة طائفية أسوة بما هو قائم في العراق ولبنان مع احتفاظ الأقليات بالقوة العسكرية، أو حرب أهلية تأكل الأخضر واليابس مع دعم عسكري للأقليات وحصار محكم على الأغلبية!.. وأحسب أن الغرب لن يغير هذه السياسة حتى يشعر أن أرض الشام تكاد أن تصبح بؤرة جهادية تستقطب المجاهدين من كل أنحاء المعمورة..
لا شك أنه مشهد مأساوي تنحر على جوانبه جميع المعاني الإنسانة والأخلاقية كما هو مشاهد اليوم على شاشات التلفزيون من صور وأحداث وجرائم يندى لها جبين البشرية.. فما هو المآل المتوقع للثورة السورية؟.
مهما تحدثنا عن القناعات والتوقعات لانتصار الثورة السورية، وأن الانشقاقات في ازدياد، والتبرعات الشعبية تتضاعف، وهيمنة النظام تضعف، والمسافات بين الشعب والنظام تتباعد، وأنه لن يقف شيء في طريق الشعوب، إذا هي أرادت حريتها، فإن كلماتنا تظل ظنوناً وآمال تفاؤلية، وهي إلى الأحلام أقرب.. ولذا لن أتحدث من خلال هذا الجانب وإنما سأقصر حديثي على توقع المآل من خلال المنظور الشرعي وأخبار الغيب التي حدثنا عنها النبي - صلى الله عليه وسلم -.
من خلال استقراء بعض الأحاديث النبوية ظهرت لنا حقائق شرعية تمثلت فيما يلي:
أولاً: أن الشام أرض مباركة كما جاء في القرآن في خمسة مواضع، وهي ليست بأرض فتن كما قال - صلى الله عليه وسلم -: ((اللهم بارك لنا في مكتنا، اللهم بارك لنا في مدينتنا، اللهم بارك لنا في شامنا، وبارك لنا في صاعنا، وبارك لنا في مدنا)). فقال رجل: "يا رسول الله! وفي عراقنا"، فأعرض عنه، فرددها ثلاثاً، كل ذلك يقول الرجل: "وفي عراقنا"، فيعرض عنه، فقال: ((بها الزلازل والفتن، وفيها يطلع قرن الشيطان)) رواه الهيثمي وصححه الألباني في السلسلة برقم (2246)، والملائكة باسطة أجنحتها على الشام وقت السلم فكيف بزمن الفتن والحروب! يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((يا طوبى للشام، يا طوبى للشام، يا طوبى للشام))!.. فقال الصحابة: "يا رسول وبم ذلك؟" قال: ((لأن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها عليه)) رواه الترمذي وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (3920).
ثانياً: بما أن عنوان صلاح الأمة وفسادها، هو صلاح أهل الشام وفسادهم، مصداقاً لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم)) رواه الترمذي وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (702)، وأن صلاح الجسد وفساده مرتبط بالقلب كما قال - صلى الله عليه وسلم -: ((ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب)) متفق عليه، فإن أهل سوريا ومن حولهم من أهل الشام هم (قلب الأمة) وبصلاحهم صلاحها وبفسادهم فسادها، وما تعيشه اليوم من مخاض عسير هو لنفي الخبث والفساد من جسدها، وعلامة على بداية صلاحها، والواقع يصدق ذلك، فلم تقم للإسلام قائمة بعد سقوط الشام بأيدي البعثيين النصيريين، وقلب ناظريك في تاريخ الإسلام، فالأمة تكون شامخة عزيزة ما دامت الشام شامخة، ولعل من أكبر الأدلة التاريخية على بركة الشام، أن الخلافة الإسلامية لم تتسع رقعتها كما كان حالها يوم أن كانت دمشق حاضرتها، ولم يبدأ تناقص الأمة إلا بعد سقوطها!.
ثالثاً: وبما أن الشام ليس بأرض فتن، كما أشار النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإن وقوع الفتن فيها هو أمر عرضي وقصير، ومؤشر لأحداث عظمى، ولذا أشار الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى ذلك، وأن وقوع الفتن هناك دليل على عودة الإيمان من جديد وانتشاره بين الناس، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((ألا وإن الإيمان إذا وقعت الفتن بالشام)) رواه المنذري والهيثمي وصححه الألباني في صحيح الترغيب برقم (3092)، ولعل الفتن الواقعة اليوم في الشام هي مؤشر لعودة الإيمان من جديد.
رابعاً: إن فتنة الدجال وهي من أعظم الفتن إن لم تكن أعظمها، ستكون نهايتها في الشام كما أخبر الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم -: ((يأتي المسيح من قبل المشرق، همته المدينة، حتى ينزل دبر أحد، ثم تصرف الملائكة وجهه قبل الشام، وهنالك يهلك)) رواه مسلم برقم (1380)، فإن كان صاحب أعظم فتنة في تاريخ البشرية سيهلكه الله على عتبات الشام، فمن الظن بمن هم دونه في الدجل والكفر؟!
خامساً: وبما أن نصر الله والتمكين في الأرض لا يتأتى إلا بالإيمان فها هو يعود من جديد، وها هم المصلون العابدون يتزاحمون في المساجد، وهذه قوافل الشهداء تتسابق إلى ساحات الوغى في حمص وإدلب ودرعا وجميع أرجاء سوريا الحبيبة، قال - تعالى -: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً} [النور: 55].
سادساً: إرهاصات صناعة الله لهذه الثورة، وما أشبه الليلة بالبارحة!، يوم أن تمنى أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الغنيمة السهلة، غير ذات الشوكة (عير أبي سفيان -رضي الله عنه-)، فقضى الله أمراً آخراً، أعمق أثراً، وأعظم نتيجة، فقال - سبحانه -: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّآئِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ}[الأنفال: 7]، يقول أحد أئمة مساجد حمص وهو يتكلم عن هذا الأمر: "والله ما كان يخطر ببالنا التظاهر أو القيام بالثورة، وكأننا دفعنا إليها دفعاً، لم نكن نتخيل مجرد تخيل معارضة النظام بالكلام فضلاً عن الفعل والمقاومة!.. ولكننا رأينا أن الثورة في تونس نجحت في يومين، وثورة مصر في (17 يوماً) فتجرأنا على ذلك لتنقدح الثورة وتتآلف القلوب التي لم يخطر في الحسبان أن تتآلف، ولك أن تتصور أن الأخ كان يخاف من أخيه فما ظنك بجاره، ومع ذلك قامت الثورة وتآلفت القلوب، وزال كل ما بناه النظام في عقود، قال - تعالى -: {فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّآ أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[الأنفال: 62 - 63]" انتهى كلامه.
إن مكر الغرب والشرق قد بلغ من عظمته ودهائه أن تزول منه الجبال كما أخبر - سبحانه -: {وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ}[إبراهيم: 46]، ولكن في المقابل: {وَمَكَرُواْ مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ* فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ}[النمل: 50 -51]، فالغرب غض الطرف عن المذابح ظناً منه أنها سترغم الشعب السوري الأبي على الرضوخ لمخططه.. ولكنه تناسى أن أهل الشام مباركين وهم غير الشعوب قاطبة.. وما يتعرضون إليه من ويلات ما هي إلا ضريبة التمكين الذي كتبه الله لهم في الغابرين لتسبق لهم السعادة في الدنيا والآخرة، وإن غداً لناظره لقريب.

المصدر: موقع المسلم

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع