..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


مرصد الثورة

حنيننا إلى الشام

مصطفى يوسف اللداوي

٢٩ ٢٠١٣ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 6144

حنيننا إلى الشام
يوسف اللداوي000.jpg

شـــــارك المادة

حنيننا إليك يا شام يزداد كل يوم، وحبنا لك يتعاظم مع الأيام، وشوقنا إليك يفوق الخيال، ويتجاوز حنين العشاق، حباً وولهاً وتعلقاً، فأنت في القلوب مزروعة، وفي النفوس موسومة، ولك في العقل والوجدان مكان، محفورٌ أعمق من النقش، وأثبت من قاسيونك في الأرض.

 

 

يا شام ما عرفنا مقامك وقدرك في قلوبنا إلا عندما غادرناك، وأُجبرنا على فراقك، ورحلنا منك، ولكننا إليك سنعود، وفي ربوعك سنكون، وفي رحابك سنجول، وتحت سقوف حواريك القديمة سنبقى.
سنعود يا شام إلى شوارعك وأزقتك، وإلى حاراتك القديمة، ومقاهيك الشهيرة، وسنصلي من جديد في مسجدك الأموي، وسندخل سوق الحميدية، وسنجلس لدى بكداش، ونأكل من بوظة الشام الشهيرة، وننظر في وجوه الناس الكثيرة، الشامية والغريبة، المقيمة والوافدة الزائرة.
ستقلنا أرضك يا شام، وستظللنا سماؤك، وسنتنسم من عبيرك، وسنشتم رائحة ياسمينك، وسنصعد إلى قمة جبل قاسيون، وسنجلس على ضفاف بردى، وسنخرج إلى بساتينك، وسنأكل في ربوتك، وسنشرب من عين بقينك، وستبقين يا شام ياسمينة الدنيا وروض ربيعها الأخضر.
سيجري في جنباتك نهر بردى كما كان، وستعود مياهه نقيةً زكية، رقراقةً صافية، تزكو بها النفوس، وتسعد معها القلوب، وستدب فيه الحياة من جديد، وسيعود ما حوله رياناً أخضراً، يرتوي من ماء الشام النقي، ويخرج من أرضه نباتاً ينعاً طيباً.
قد اشتقنا إليك يا شام، فلا تطيلين الغياب، ولا توجعين القلب أكثر، ولا تدمين العين، ولا تسكبين من عيوننا مزيداً من الدمع، فقد والله أصبانا من الوجع القرحُ، وحل بنا من الألم السقمُ، وسكن في قلوبنا من الحزن سوادٌ قاتمُ، وباتت حياتنا بعيداً عنك يتمٌ وتشردٌ وضياعٌ، وتيهٌ وفقرٌ وحاجةٌ والتياعُ.
فيك يا شام تركنا بيوتنا، وتخلينا عن كل متاعنا، خرجنا منك تاركين أثوابنا، وفساتين أفراحنا، وفي بيوتنا مازالت كتبنا، ودفاتر أولادنا، وألعاب أطفالنا، وأسرة صغارنا، وبقايا كل ذاكرتنا، فيك يا شام تركنا قلوبنا ورحلنا عنك بأجسادنا، وعيوننا إليك تتطلع كل يوم، تكاد تنخلع من محاجرها شوقاً إليك، وحنيناً إلى الرجوع والعودة.

فلا ننساك والله يا شام، ولا عنك نغيب، ولا منك نرحل، وإليك سنعود، وستعمرين من جديد، وستغدو فيك الحياة جميلةً كما كانت، فأنت الماضي التليد، والحضارة القديمة، والتاريخ الممتد، والتراث العميق، وعلى ترابك سار الأولون، وخطا القادة والأمم السابقون، رسموك لنا عاصمة، ولأمتنا رايةً ومنارة، ستبقى قائمة، وستعود قاهرة، ترنو إليها العيون، وتهفو لزيارتها القلوب ..... يا شام ...
 

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع