..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


مرصد الثورة

وظلم ذوي القربى أشد مرارة

خالد سطان

٢ ٢٠١٣ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 10043

وظلم ذوي القربى أشد مرارة
0.jpg

شـــــارك المادة

هي قصة معاناة أم ظلمت من قبل النظام وظلمت من قبل أهلها أكثر وظلم أهل القربى أكثر مرارة.
هذه السيدة المناضلة التي وافقت نشر على قصتها مع بعض التغيير لحمايتها وحماية أهلها.
سأورد هذه القصة مع بعض التغيير البسيط كي لا يمكن التعرف عليها.

 


هذه المرأة التي تبلغ من العمر 30 عاما عندها ولدين اعتقلت من قبل النظام وحبست لعدة أشهر, كان السبب سجنها أن أخوها كان مطلوبا بسبب مشاركته بالثورة السورية.

قابلت هذه السيدة في عيادة للدعم النفسي ومما زاد في ألم هذه السيدة الصابرة المناضلة إنها عندما اعتقلت أخذت ابنتها معها للاعتقال.
كانت هذه الابنة تبلغ من العمر 5 سنوات.  وعند التحقيق لمست من  الضابط الذي يكتب التقرير بادرة النبل والشهامة وعندما نقلت في الباص من مركز التحقيق للسجن رجته ان يتكفل بابنتها الصغيرة ودخلت هذه الأم إلى السجن وعذبت وأهينت وصبرت ومما زاد عذابها أنها لم تعد تسمع أي شيء عن ابنتها التي أخذت من قبل الضابط ولم تعد ترى الضابط أيضا".
هذه المرأة شهدت التعذيب الشديد في المعتقل لكنها ظلت صابرة و قوية. مما زاد من ألمها أن زوجها عندما علم أنها في السجن طلقها ظلما" وجورا" واستطاعت هذه المرأة أن تحصن نفسها ورفضت كل المغريات لها من قبل السجانات لتخفيف العذاب عنها مقابل أن ترضى بجلسة مع أحد الضباط ليحقق وطره منها لكن فضلت التعذيب والإهانات على أن تبيع شرفها.
هذه المرأة شاهدت بأم عينها تعذيب السجانات للسجينات وأيضا شاهدت إحدى السجينات انتحرت بتقطيع شرايين يديها بالشفرة وكيف أنها أخذت من قبل السجانات وسحبت أمامهم والدم ينهمر منها.
ذكرت لي أن امرأة في السجن أجهضت وكان هذا الإجهاض مدعاة للسرور من قبل السجانات اللواتي فرحن بالتخلص من مولود جديد يكون في المستقبل شابا يافعا قد ينتقم لأمه وأهله.
كان في هذه الغرفة التي سجنت فيها هذه الأخت, وهي غرفة صغيرة, حوالي 150 سجينة وإذا حاولت إحدى السجينات أن تمد رجليها فهذا يعني أن زميلتها التي تجلس إلى جوارها لا تستطيع النوم.
عاشت هذه الأخت عدة أشهر تحت الأرض إلى أن صدر عفو عن 300 معتقلة وشملها هذا العفو فخرجت من السجن .
هذه الأخت كان محظرا" عليها التحدث مع الأخريات في السجن وطلب منها التوقيع على اعتراف إنها شاركت في تهريب أسلحة وأدوية وذلك جرى بدون محاكمة.
ذكرت لي أن أحد أخويها قد أصيب بفشل كلوي نتيجة الضرب والتعذيب على ظهره.
ما أثر في هذه المرأة كثيرا  الكلمات البذيئة و الاهانات التي كانت تصدر من السجانات , ذكرت لي هذه الأخت أن في الغرفة التي كانت محبوسة بها, و التي تحتوي على حوالي 150 امرأة, أن حوالي 40 – 50 منهن تعرضوا  للاغتصاب وكانت السجانات يعطون السجينان حبوبا" مانعة للحمل كي  لا يحملن من الاغتصاب.
خرجت هذه المرأة من السجن. خرجت من السجن الصغير إلى السجن الكبير. حسب ما  ذكرت. حيث تعرضت لكثير من الإهانات والادعاءات والافتراءات من قبل أهلها وجيرانها حول ما جرى لها في السجن.
ذكرت لي أن السجن كان أرحم لها من كلام الناس وجرحهم ومعاملتهم لها  وكان من بين هؤلاء الناس زوجها وأب أطفالها الذي ظلمها وطلقها مجرد أنها دخلت المعتقل وكذلك ذكرت لي أن زوج أختها قد طلق أختها بسبب أنها دخلت المعتقل .
أصيبت هذه المرأة بنقص وزن شديد في المعتقل و كآبة شديدة وتسرع في القلب مما استدعى لنقلها للمشفى لإعطائها بعض الأكسجين و علاجها عدة مرات .
عندما كانت في السجن ظن أهلها أن طفلتها كانت معها ولكن أين هي الطفلة وما جرى لها؟
كانت قصة حزينة ولكن النهاية كانت غير ذلك؟؟؟
حيث أن هذا الضابط الشهم قد هرب الابنة الصغيرة إلى منزله و أودعها عند زوجته. شك الحرس في السجن به وبأنه قد أخذ الطفلة وحققوا معه دون جدوى. هذا الضابط سجن لفترة اسبوعين ثم أخرج من السجن وأخذ الطفلة وزوجته وغادر القطر إلى قطر مجاور.
حاول أن يرد الطفلة إلى أهلها ولكن لم يعرف كيف يهتدي إليهم .
عندما خرجت الأخت من سجنها وهربت إلى بلد مجاور بدأت بالبحث عن ابنتها الضائعة ونشرت الإعلانات في الصحف وشاءت القدرة الإلهية الرحيمة أن يقرأ هذا الضابط الشهم الرحيم خبر فقدان الطفلة التي كانت بحوزته فذهب بها و قدمها إلى أمها.
هذه الطفلة نشأت بعنايته ورعايته وكانت تناديه" أبي". أرادت مشيئة الله أن تجتمع الأم بطفلتها وهي الآن تعيش مع طفليها وترفض عرض زوجها بأن يعيدها إلى عصمته وقالت لي بعد العلاج  أنها الآن ولدت من جديد.
هذه الأخت أصيبت بمتلازمة الصدمة بعد الكرب وكان عندها كثيرا" من الذكريات المؤلمة المتكررة مع اضطراب في النوم.
بتطبيق العلاج بحركات العين شعرت بالارتياح الشديد والمناظر المؤلمة التي شاهدتها في السجن قد محيت من ذاكرتها كليا وشعرت أن حادثة الاعتقال حدثت لها في ماض بعيد ولم تعد مزعجة لها.
ارتاحت هذه المرأة كثرا" بسبب العلاج وذكري لي في نهاية الجلسة أنها تشعر كأن فترة الاعتقال حدثت لها من سنين طويلة ولم تعد مزعجة ومؤثرة عليها وقالت لي أنها الآن إنسانة جديدة تعيش لأولادها وإنها قوية بإيمانها و خرجت من العيادة و البسمة والضحكة على وجهها.
قام الأخوات والأخوة الأخصائيون النفسيون بزيارة هذه الأخت للمتابعة وذكروا لي أن حالتها النفسية ممتازة وأنها ممتنة لهذه الجلسة التي أنقذتها من آلامها و أنها قد بدأت حياة جديدة بعزم وتصميم وقوة وأن فترة الاعتقال وذكرياتها المؤلمة قد أصبحت من الماضي البعيد الذي لم يعد يقلقها أو يؤثر عليه سلبيا" .

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع